حمود أبو طالب

«لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث إن حالتي الصحية وسِنّي لا تتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعاً». بهذه العبارة في خطابه الموجه للشعب الجزائري أغلق الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أبواب الجزائر أمام عاصفة عاتية تهدد باقتلاع استقرارها واستقلالها الذي تحقق بعد جهاد طويل ودماء غزيرة، عاصفة كفيلة بإرجاعها إلى أسوأ ما يمكن تخيله في هذه المرحلة التي تلت ربيع الشؤم العربي، لا سيما وخلايا الإرهاب قد عاثت فساداً فيها وتتحين الظروف المواتية لانطلاقة جديدة، إضافة إلى ما يمكن أن يحدث من تدويل لأزمتها لتلحق لا قدر الله ببقية الدول التي يهددها التشرذم والتقسيم والفوضى المستمرة.

تلك العبارة الذهبية التي قالها بوتفليقة هي ما كان ينتظره الشعب الجزائري وكل عربي محب للجزائر وخائف عليها. تصاعدت الأزمة واستمرت الاحتجاجات الشعبية لكن كان هناك من يصر على الدفع بالرئيس العليل إلى الواجهة لتغليب مكتسباته على مكتسبات ومقدرات الجزائر. كانت الحكاية الجزائرية بترشيح بوتفليقة غرائبية جداً وغير لائقة بهذا الزمن ولا بالشعب الجزائري ولا بتأريخ بوتفليقة. رجل مريض لم يعد قادراً على المشي أو الكلام من المستبعد أن يصر على إدارة دولة وحكم شعب لا يستطيع التواصل معه، ولا يستطيع الشعب أن يسمعه أو يراه، الاحتمال الأرجح والأكثر معقولية أنه أريد لبوتفليقة أن يكون في الواجهة مهما كان الثمن لبينما يستكمل من وضعوه ترتيباتهم الخاصة، لكن لحسن الحظ أن من يمسكون بخيوط اللعبة السياسية استوعبوا أن صوت الشعب لا يمكن مواجهته، وذلك من حسن حظ الجزائر وشعبها بأن جاء قرار بوتفليقة عدم ترشحه لعهدة خامسة ليطفئ نار الفتنة ويزيل نذر الخطر.

&