&عبدالرحمن الطريري

ابتدأ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو العام 2019، بجولة عربية شملت كلا من الأردن ومصر والبحرين والإمارات ثم قطر والسعودية وسلطنة عمان والكويت، ولكن زيارة الكويت أجلت في اللحظة الأخيرة، لاضطراره إلى العودة إلى الولايات المتحدة لحضور جنازة عائلية، بحسب ما أعلن متحدث باسم الخارجية الأمريكية.

وخلال هذا الأسبوع يعود بومبيو إلى المنطقة، حيث ستكون الكويت محطته الأولى، وستشمل جولته كلا من إسرائيل ولبنان، وبين زيارة مارس وزيارة يناير، كانت القمة الدولية بشأن الشرق الأوسط خاصة في ما يخص التصدي لأنشطة إيران، والتي استضافتها بولندا.

هذه الزيارة تستبق الانتخابات البرلمانية في إسرائيل، والتي ستقام في التاسع من أبريل القادم، وقد ذكر مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية أن بومبيو سيلتقي نتنياهو كرئيس لحكومة إسرائيل، وليس كمرشح، ولن يلتقي بالجنرال المتقاعد بيني غانتز أو أي مرشحين آخرين يخوضون الانتخابات الإسرائيلية.

وتأتي زيارة إسرائيل دون الالتقاء بمسؤولين فلسطينيين، للدلالة على أن ما حدث من إطلاق صواريخ من غزة، هو «عرض لليلة واحدة» one night show كما يقولون بالإنجليزية، وبالتالي لا داعي لجهود تهدئة، لكنه مؤشر أيضا لرغبة الإدارة الأمريكية في استمرار الضغط على السلطة الفلسطينية، قبل الإعلان عن الخطة الأمريكية لقضية السلام.

كما أن تجنب لقاء المرشحين للانتخابات الإسرائيلية، يشير إلى أن الأولوية الأمريكية اليوم هي النجاح في إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو الملف الذي فشلت في تحقيقه جميع الإدارات الأمريكية السابقة، وبالتالي تريد خلق الأجواء الملائمة لذلك.

وبالعودة إلى لقاء مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير على قناة سكاي نيوز، ذكر كوشنير أنه تمت دراسة جميع الخطط والطروحات السابقة، وتم إعداد خطة تسعى إلى تلافي جميع الأخطاء السابقة، وأعتقد أن من ضمن الدروس المستفادة، قرار الإدارة بتحديد المغريات والضغوطات على مختلف الأطراف لإنضاج هذا الحل.

تتصاعد أهمية ملف قضية السلام على سقف أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة بعد أن تراجعت فرص تحقيق مكاسب سياسية من المصالحة مع كوريا الشمالية، حيث يبدو أن الصين عطلت فرص التقارب أكثر بين الطرفين، مستعينة بأسلحتها الاقتصادية وبسياسة الصمت الإعلامي.

في لبنان سيسعى لتجديد الوساطة بين تل أبيب وبيروت حول المناطق النفطية البحرية المشتركة، وسيكرر العبارة التي يستحيل تطبيقها في لبنان حتى اللحظة وهي: «التعامل مع مؤسسات الدولة، ودعم الجيش عوضا عن ميليشيا حزب الله»، خاصة أن الزيارة قد يليها مباشرة مزيد من العقوبات على حزب الله، وإيران بالنتيجة.

ويبقى الملف الإيراني عالي الأهمية، وإن أصبح ثاني الأولويات، إلا أنه مؤثر في غزة على سبيل المثال، حيث تعود علاقات بعض الفصائل الفلسطينية بطهران إلى الثورة في 79، هذه العلاقة التي عبأت الفراغ الذي تركته مصر بعد كامب ديفيد.

وفي محطته الأولى «الكويت»، الدولة التي تحمل ملف الوساطة بين دول الرباعية وقطر، يجد التحدي الأكبر في الإستراتيجية الأمريكية، وهي وجود قرار خليجي موحد يتصدى لأنشطة إيران، ومن المتوقع أن يكون على طاولة النقاش الموضوع اليمني والسوري، وكلاهما يرتبط بأنشطة إيران التوسعية.

النظام الإيراني في نهاية المطاف يرغب في البقاء رغم العقوبات الأمريكية، والتمدد في الدول العربية ومحاولة استهداف أوروبا، هي آليات البقاء في ذهنية النظام، عبر تحويل أدوات العبث والميليشيات إلى أوراق تفاوض.

لا توجد طريقة للتعامل مع إيران بالعناوين العامة، بل إن أي إستراتيجية للتصدي لإيران لا بد من أن تكون معنية بتفاصيل التفاصيل، فهذا ما يقوم به من يحيك السجاد، ومن يُحسن التصدي له أيضاً.