&FINANCIAL TIMES

«فيسبوك» إلى أين عقب تثبيت سيطرة زوكربيرج بالكامل؟

هانا ميرفي&

يمضي مارك زوكربيرج قدما في خطط دمج تطبيقات شركة فيسبوك الثلاثة، حتى إن كان ثمن ذلك الاستغناء عن أفراد أساسيين من حاشيته.

كتب الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك منشورا عبر مدونة يفيد بأن اثنين من كبار الرؤساء العاملين في هذه الشبكة الاجتماعية قد غادرا الشركة، بعد مضي أقل من عام على ترقيتهما، إلى المنصبين الرفيعين.&
استقالة كل من كريس كوكس، كبير موظفي الإنتاج في "فيسبوك"، وكريس دانيالز، رئيس "واتساب"، عدّت - على نطاق واسع - علامات مبكرة تشير إلى وجود رد فعل قوي إزاء رؤية زوكربيرج الجديدة المتمثلة في "التركيز على الخصوصية" في أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم، وأدى ذلك إلى خفض أسهم "فيسبوك" بأكثر من 4 في المائة.


كوكس، كان "الرجل الثالث" المسؤول في شركة فيسبوك بعد زوكربيرج وشيريل ساندبيرج كبيرة الإداريين التشغيليين، وكان شخصا محبوبا داخل الشركة، بعد انضمامه للعمل فيها في عام 2005، كأحد أول مهندسي البرمجيات فيها. لعب هذا الشخص دورا أساسيا في بناء الشركة، حيث ساعد على تطوير نشر شريط الأخبار.
أصبح دانيالز نائبا لرئيس وحدة "واتساب" في أيار (مايو) في العام الماضي، بعد اطلاعه بأدوار متعددة في "فيسبوك"، راوحت بين تطوير الأعمال والشراكات، منذ عام 2011.
مغادرة شخصيات مهمة تأتي بعد أسبوع من استخدام زوكربيرج منشورا ظهر عبر المدونة، يقع في 3200 كلمة ليوضح مستقبل شركة فيسبوك، بشأن المنتجات التي تركز على الخصوصية والتحكم من قبل المستخدمين.
كجزء من هذا التغيير، تعتزم الشركة دمج خدمات المراسلة في كل من تطبيق إنستجرام وواتساب وفيسبوك في نظام واحد مشفر، ما يعني أن الأشخاص الذين يرسلون ويستقبلون الرسائل سيكونون وحدهم القادرين على رؤيتها.
تسببت هذه الخطوة في إحداث انقسام بين المحللين. البعض يقول إنها تشكل جزءا من جهود مبذولة للعثور على مصادر جديدة للإيرادات، في وقت يتباطأ فيه نمو المبيعات في أسواق البلدان المتقدمة.&
ويراها آخرون أنها أقرب إلى كونها محاولة جذرية بشكل أكبر لربط التطبيقات الثلاثة بشكل أوثق معا، في الوقت الذي تهدد فيه الجهات التنظيمية المناهضة للاحتكار بفصلها عن بعضها بعضا. في آخر منشور له عبر المدونة، أعلن فيه رحيل كل من كوكس ودانيالز، كتب زوكربيرج "الشروع في هذه الرؤية الجديدة يمثل بداية فصل جديد بالنسبة إلينا".
في منشوره الخاص عبر موقع فيسبوك، لم يحدد كوكس بشكل صريح السبب في مغادرته، إلا أنه قال "إن التحول إلى نظام مراسلة واحد مشفر هو مشروع كبير سيحتاج إلى قادة متحمسين، لتطبيق وتنفيذ هذا التوجه الجديد".
وصف أحد التنفيذيين السابقين في شركة فيسبوك هذه الخطوة بأنها "رحيل مبدئي بشكل كبير" من جانب كوكس.
كما قال الشخص "جاءت الاستقالة خلال وقت قريب للغاية بعد إعادة ترتيب عملاقة للمنتجات، على نحو لا يجعلنا نرى أنها كانت عملية انتقال مخططا لها. من المحتمل أنها تعني أن مارك لم يتدبر حقا جميع جوانب مسألة الخصوصية".
أشار آخرون إلى سلسلة الدعاوى القضائية والمنازعات التنظيمية التي تواجهها شركة فيسبوك، عقب فضيحة شركة كامبردج أناليتيكا التي حصلت العام الماضي، التي قال عنها جيسون كينت، الرئيس التنفيذي في "نكست" للمحتوى الرقمي، وهي جمعية للتجارة الأمريكية لدور النشر الإلكترونية، "إن من المؤكد أنها كانت تلقي بظلال ثقيلة للغاية على الشركة وثقافتها".


كما أضاف "هنالك كثير من العلامات التي تشير إلى أن رحيل كريس كوكس لا يتعلق بوجود خلافات حول استراتيجية الإنتاج، فحسب".
الاضطراب الأخير يأتي تتويجا لأسبوع كان متقلبا بالنسبة إلى شركة فيسبوك، عانت فيه أطول انقطاع شامل في تطبيقاتها عبر تاريخها، وتم توجيه الاتهام فيه إليها من قبل الجهات التنظيمية في المملكة المتحدة، بأنها تتسبب في خنق المنافسة.&
كما تبين أيضا أن المدعين العامين في نيويورك بدأوا تحقيقا جنائيا حول شبكة التواصل الاجتماعي، حول شراكاتها التاريخية في تشارك البيانات مع غيرها من شركات التكنولوجيا الكبرى.
مع ذلك، يقول مختصو هذا القطاع "إن هذا التغيير الكبير هو دلالة على أن زوكربيرج يعمل على توطيد السلطة في جميع المنصات، وسيمضي قدما وبكل إصرار صوب تحقيق رؤيته، حتى إن كان ذلك يعني خسارة مسؤولين موثوقين". قال زوكربيرج "إنه لن يجري تعيينا مباشرا لأي شخص ليحل مكان كوكس، ما يعني أن رؤساء التطبيقات الرئيسة في الشركة، سيكونون مسؤولين أمامه بشكل مباشر".
ويل كاثكارت سيكون الرئيس الجديد لقسم "واتساب"، بعد أن عمل سابقا على إدارة تطبيق فيسبوك، الذي سيترأسه من الآن فصاعدا فيدجي سايمو.&
وقد تم الآن تعيين خافيير أوليفان، الذي كان مسؤولا عن استراتيجية التطبيقات بالاشتراك مع كوكس، ليعمل على تحديد الآلية التي ينبغي من خلالها "أن تصبح التطبيقات تكاملية بشكل أكبر". قال بريان ويزر، رئيس استخبارات الأعمال في المجموعة إم، "هنالك إشارة واضحة توحي بأن زوكربيرج لا يزال يسيطر على الشركة. إنه أسلوب المركزية في تبعية موظفي الإنتاج لمارك".


مارك أندريسين، المؤسس المشارك في شركة أندريسين هوروويتز، هو أحد أعضاء مجلس إدارة "فيسبوك" قال عبر "تويتر"، "سواء كنتم تحبونه أم تكرهونه، يحاول مارك زوكربيرج أن يثبت لنا أن لديه الشجاعة للقيام بما يعتقد أنه صحيح، خلال مواجهته هذه المعارضة القوية للغاية".
هذا النهج هو سمة تميزت بها قيادة زوكربيرج حتى الآن، التي تحمل بسببها فقدان مجموعة أخرى من كبار التنفيذيين.
غادر كل من كيفن سيستروم ومايك كريجر مؤسسي تطبيق إنستجرام، ومسؤولون في "واتساب"، منهم جان كوم وبريان آكتون، شركة فيسبوك خلال الأشهر الـ18 الماضية، عقب مواجهات حول المسار الذي تتخذه التطبيقات والمناقشات حول كيفية تسييلها لاكتساب المال منها.
عندما اشترت شركة فيسبوك كلا من تطبيقي إنستجرام وواتساب في عامي 2012 و2014، على التوالي، أشارت إلى أن كلا منهما سيبقى مستقلا إلى حد كبير عن الشركة الأم.&
مع ذلك، وفقا لأشخاص مطلعين على الوضع، مارس زوكربيرج الضغط فيما بعد على الاثنين من أجل التكامل مع شركة فيسبوك.


يحذر العاملون في هذا القطاع من أن استراتيجية القيادة التي يتبعها زوكربيرج يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، ولا سيما بعد مغادرة كوكس الدائرة الداخلية في شبكة التواصل الاجتماعي.
قال مسؤول تنفيذي سابق في شركة فيسبوك، "كان كوكس واحدا من القلة القليلة من الأشخاص الذين يقفون في وجه زوكربيرج، ويراهنون على أفكار كبيرة. المجموعة المتبقية أكثر توافقا بكثير، بحيث إنها تكتفي بتنفيذ ما يراه زوك صحيحا، حتى حين لا يكون الأمر كذلك".&