&نايف معلا&&

ما إن خرج وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف معلناً عزل البشير واعتقاله وإعلان حالة الطوارئ في البلد، حتى ظهر «الإخوان» بأشكال وأساليب مختلفة، تدور كلها في محور البراءة من البشير ونظامه، في حين أنه لا يخفى على أحد انتساب البشير لجماعة الإخوان وتمثيلها ودعمها!

ففي بيان نشره المراقب العام لجماعة «الإخوان» في السودان عوض الله حسن سيد أحمد، ذكرت «الجماعة» أن بيان عوف فيه التفاف واضح على المطالب الحقيقية لجماهير الشعب السوداني، ووصفته بسياسات النظام الفاشلة! وأكثر من ذلك، ذكرت أن إعلان خلع رأس النظام خطوة كبيرة في طريق الإصلاح والتغيير، ولكنها ضد القيادات العسكرية التي قامت بالتخلص منه.

هكذا هم «الإخوان» مذ كانوا، وهكذا سيفعلون مع كل من تحالف معهم أو دعمهم من الأنظمة الحاكمة، فما أن تدور الدائرة عليه، حتى يكونوا أول من يتبرأ منه، طمعاً في الوصول إلى سدة الحكم هذا إذا لم يثبوا عليه! ولم يقتصر شرهم عند هذا الحد، بل أثبت التاريخ أن من أنجدهم وآواهم لم يسلم من مكائدهم وخطرهم، ولسنا ببعيد عن مكائدهم ودسائسهم ضد السعودية المستمرة حتى الآن، على رغم أنها آوتهم واستضافتهم خير ضيافة إبان حكم جمال عبدالناصر لمصر.



حقيقة الأمر التي تحاول إنكارها جماعة «الإخوان» والدول التي تمثلها أو تحتضنها، هو أنها بسقوط البشير، قد مُنيت بهزيمة أخرى تضاف إلى هزائمها المتتالية في مصر وليبيا، بل وفي تركيا بعد تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الأخيرة.

كما أن ستر الهزيمة بادعاء الانتصار، يُلاحظ لدى الحركيين من جماعة «الإخوان» أو المتضامنين معهم، إذْ تجدهم في مواقع التواصل الاجتماعي يتظاهرون بالفرح والسرور لعزل البشير، ويرددون شعاراتهم وعباراتهم الرتيبة التي يسعون أن يستميلوا الشعوب بها، وهم في الحقيقة يشعرون بخيبة أمل ووجل مذ أعلن عوف بيان عزل البشير! بل وصل بهم الأمر إلى حد أن أنهم يتساءلون من التالي في السقوط؟ وكأنهم لم يسقطوا أو كادوا!

لا يخفى على أحد أن البشير كان أحد كوادر هذه الجماعة، وظل مرتبطاً بها آيديولوجياً منذ سيطرة الجبهة الإسلامية القومية التي كان يتزعمها على الحكم في السودان في 1994م، وما لبث حتى ارتمى في أحضان الجماعة من خلال دعم رموزها وكوادرها وإيوائهم في السودان، وتوثيق علاقات نظامه مع تركيا التي وهبها ما لا يملك! وهبها جزيرة سواكن ذات الموقع الاستراتيجي تحت غطاء «إعادة البناء»، فضلاً عن لجوئه إلى قطر حاضنة «الإخوان» في الخليج العربي، خلال الاحتجاجات التي قامت ضده!

هذه بعض الشواهد التي تثبت أن علاقة البشير بـ «الإخوان» عصية على النكران، ولا أستبعد أن يخرج، إن تهيأ له ذلك، ويكذّب بالأدلة القاطعة بيانات «الإخوان» التي تبرأ منه ومن نظامه، على رغم أنه ليس في حاجة إلى ذلك، ولكن نكاية بهم وانتقاماً منهم!

المهم أن يتجاوز السودان هذه المرحلة العصيبة، بقيادة رجال وطنيين، يقدمون مصلحته على ما سواها، ويلفظون جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات والأحزاب التي لا همّ لها إلا مصالحها، وما تشدقها بسيادة السودان وحقوق وحريات الشعب السوداني إلا شعارات يتغيون منها الوصول إلى سدة الحكم! وإذا تأتى لهم ذلك، تبرأوا من السيادة والشعب كما تبرأ «الإخوان» من المشير البشير!
&