& عبدالله محمد الشيبة

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة السير على نهج ترسيخ مهارات سوق العمل بطريقة عملية منهجية أكاديمية بين الطلبة المواطنين الذين قرروا دمج التعليم النظري بالتدريب العملي بأسلوب يسمح لهم باستكشاف مواهبهم ومهاراتهم وصقلها على أيدِ أفضل الخبراء في العالم بهدف تأكيد الصورة المثلى عن التعليم الفني والمهني في الإمارات. واللافت للنظر أن سوق العمل في الدولة، والذي يتميز بديناميكيته وتغيره المستمر، ويضم جهات عمل حكومية اتحادية ومحلية تطمح دوماًَ لاحتلال المراكز الأولى في تقارير التنافسية العالمية، يشمل أيضاً شركات ومؤسسات خاصة من مختلف بقاع العالم، والتي في أمس الحاجة إلى العاملين ذوي المهارات العملية بدرجة أكبر من هؤلاء الذين يحملون الدرجات العلمية في تخصصات نظرية، ناهيك عن دخول الإمارات سباق الفضاء من خلال تطوير الأقمار الصناعية على أيدِ نخبة من المواطنين بجانب بناء محطات الطاقة النووية للأغراض السلمية والعديد من المجالات العملية الأخرى.&


والمتتبع لمسيرة التعليم الفني في دولة الإمارات يجد أنه بدأ منذ ما قبل إعلان قيام دولة الاتحاد واستمر إلى ما بعد الثاني من ديسمبر 1971، وذلك من خلال المدارس الثانوية الصناعية والتجارية والزراعية بجانب المدارس الأخرى في التعليم العام تحت مظلة وزارة التربية والتعليم، ولقد تخرج من تلك المدارس العديد من الأجيال التي ساهمت في سوق العمل بصورة إيجابية وقوية. ومع التغيرات الهائلة في سوق العمل ومتطلباته، جاء تأسيس مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني في العام 2010 في إمارة أبوظبي بهدف تعزيز فرص التعليم والتدريب التقني والمهني وتنويعها، والتخطيط ورسم الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالتعليم والتدريب التقني والمهني، بجانب إعداد الطاقات البشرية المدربة من الفنيين المتخصصين وتأهيل المتدربين فنياً ومهنياً في قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني وفقاً لمتطلبات سوق العمل. ثم جاء انضواء «مهارات الإمارات»، والتي تأسست عام 2006، إلى مظلة مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني لتشهد مرحلة جديدة من النمو والانطلاق نحو العالمية. فالمسابقة تهدف إلى المساهمة في تنمية نظام التعليم والتدريب التقني والمهني في دولة الإمارات وزيادة أعداد الطلاب المواطنين المنتسبين إلى نظام التعليم والتدريب التقني والمهني وإتاحة الفرص أمامهم للمشاركة في مسابقات مهارات متعددة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي كل عام.&


وقد جاء تنظيم مسابقة «مهارات الإمارات» في الفترة من 15 إلى 17 أبريل الحالي لإتاحة الفرصة أمام العشرات من أبناء الوطن من الذكور والإناث الطلبة في الجهات التعليمية الفنية والمهنية المختلفة التي يشرف عليها «مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني» والتنافس فيما بينهم للفوز ثم التنافس لاحقاً في مسابقتي المهارات الخليجية والمهارات العالمية. وتضم تلك المهارات العديد من المجالات من أبرزها: التقليدية التراثية، وإدارة نظم شبكات المعلومات، وإعداد واجهات عرض المحلات التجارية، وأعمال الجبس والأسقف المستعارة، والإلكترونيات والتكييف والتبريد، والتوصيلات الكهربائية، والروبوتات المتحركة والطهي واللحام والنجارة، وتصميم وتنسيق الحدائق وتقنية الأزياء وصبغ وتقنية السيارات وصيانة محركات الطائرات وغيرها من المجالات التي تتطلب مهارات فردية على مستوى رفيع من التميز والإتقان. وكان الأمر المثير للإعجاب حقاً هو فرط الحماس والطاقة والحيوية والتركيز والعمل الجماعي والإخلاص والانضباط الذي تميز به شباب الوطن من الجنسين، الذين شاركوا في تلك المسابقات أمام أعين الخبراء والمُقيمين الدوليين بجانب ممثلي العديد من جهات العمل التي سارعت لتحديد الطلبة المناسبين للاستقطاب والعمل في تلك الجهات لاحقا.
والمحصلة النهائية هي إعداد وتأهيل جيل واعد من شباب الوطن للمشاركة في مختلف قطاعات العمل، وذلك باستخدام المهارات الفردية والخبرة العملية التي يحتاجها سوق العمل من خلال سياسة واضحة واستراتيجيات تعليمية ناجحة في مجال التعليم والتدريب التقني والمهني.

&

&