&FINANCIAL TIMES& & &

&ستيفاني فيندلاي وجيوتسنا سينج من نيودلهي

يخشى كليم الله قاسمي من إعادة انتخاب محتملة للحزب القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا.
قال قاسمي قبل توجه الهنود إلى صناديق الاقتراع: "هناك كثير من التوتر. بعد وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة، لا يتعلق الأمر بالمسلمين فحسب، بل بكل الأقليات التي تعاني. أنا أخشى على هذا البلد".
أثناء شراء ملابس من سوق في دلهي القديمة، تهيمن مآذن الحجر الرملي الأحمر لجامع مسجد جاما القديم على الأفق، فيما يخشى قاسمي من أنه لا يوجد مستقبل للمسلمين في الهند.&
وقال المدرس البالغ من العمر 31 عاما في مدرسة إسلامية: "المسلمون يثيرون القضايا، لكن صوتنا لا يصل إلى ممرات السلطة".


يقول الخبراء إن وجهة نظر قاسمي ليست خارجة عن المألوف بين المسلمين في الهند، وهي مجموعة تراوح بين 15-20 في المائة من عدد سكان البلاد.&
يعتقد كثيرون أنه يتم تهميشهم في سياسة البلد في ظل حزب بهاراتيا جاناتا، ما يثير المخاوف أنه يتم تقويض الإطار العلماني في الهند.
لقد امتدت المخاوف لتشمل حتى حزب المؤتمر العلماني ظاهريا، حيث يشير المحللون إلى أنه لا يريد استعداء الناخبين الهندوس المتحمسين ضمن مجموعة حزب بهاراتيا جاناتا، القوية ذات القومية الدينية.
الهند موطن لـ 170 مليون مسلم، ثالث أكبر عدد للمسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان، إلا أن هناك قلقا متزايدا من أن حكومة حزب بهاراتيا جاناتا تعمل على ترسيخ نظام الأغلبية الفعلي للهندوس، الذي يمثل 80 في المائة من سكان الهند البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.
رئيس الوزراء، التابع للمنظمة الهندوسية القومية راشتريا سوايامسيفاك سانج، سعى إلى ترسيخ صورته كزعيم لعموم الهند منذ أن أصبح رئيسا للوزراء في عام 2015، في محاولة لإبعاد نفسه عن ولاية مثيرة للجدل، حين كان رئيسا لوزراء لولاية جوجارات، الولاية التي قادها من عام 2001 إلى عام 2014.&
هناك اتهامات بالتواطؤ في أعمال العنف الطائفية التي أسفرت عن مقتل نحو ألفي مسلم في عام 2002. ينفي الحزب أي مشاركة، لكن جملة من قادته حرموا من تأشيرة دخول الولايات المتحدة بسبب ادعاءات حول دوره في أعمال العنف.
على الرغم من جهود الزعيم مودي لإعادة تصحيح صورته، إلا أن التمثيل السياسي المسلم انخفض إلى أدنى مستوياته في تاريخ الهند منذ أن تولي السلطة.&
لا يوجد عضو برلمان واحد مسلم من حزب بهاراتيا جاناتا في لوك سابها، أو مجلس النواب، ولا يشغل المسلمون الآن سوى 4 في المائة من المقاعد في البرلمان، مقارنة بأكثر من 6 في المائة قبل عقد من الزمن وذروة بلغت 9.6 في المائة في عام 1980.
هذا على الرغم من حقيقة أن العدد الإجمالي للمرشحين المسلمين الذي طرحته الأحزاب المستقلة للانتخابات قد ارتفع في الأعوام الأخيرة، ما يعد دلالة على هيمنة الحزبين الرئيسين.
اعتبارا من آخر إحصاء، يقدم حزب بهاراتيا جاناتا ستة مسلمين فقط من أصل 375 مرشحا في صناديق الاقتراع، بينما يقدم حزب المؤتمر المعارض الرئيس يقدم 32 مسلما من أصل 344 مرشحا.
هذا الاتجاه يجد صورة له على مستوى الولايات. في المجلس التشريعي لولاية أوتار براديش، الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان، حيث يمثل المسلمون نحو خمس عدد السكان، انخفض عدد الأعضاء المسلمين المنتخبين من أكثر من 60 من أصل 403 في عام 2012 إلى 24 في عام 2017. ولم يكن هناك أي مرشح قدمه حزب بهاراتيا جاناتا.


قال جيل فيرنييه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أشوكا: "رؤية حزب بهاراتيا جاناتا للأمة الهندوسية ستجعل الأقليات غير مرئية، هذا يعني عدم منح مجال على الإطلاق في المؤسسات العامة. الأمر المهم هو أن بعض الأحزاب الأخرى تخشى من أن رد الفعل الهندوسي، قد بدأ أيضا يطرح عددا أقل من المسلمين مما كان يفعل من قبل".
يقول المحللون إنه حتى حزب المؤتمر بقيادة راهول غاندي، سليل السلالة الحاكمة السياسية لغاندي نهرو التي ساعدت في قيادة البلاد إلى الاستقلال، يتحرك في اتجاه مماثل.
قالت زويا حسن، مختصة بالعلوم السياسية: "حزب المؤتمر يتردد في منح التذاكر الانتخابية إلى المسلمين؛ هناك استقطاب هندوسي-إسلامي، ويخشون من تعبئة هندوسية وراء حزب بهاراتيا جاناتا. عدد المسلمين في أي دائرة انتخابية ليس كبيرا بما يكفي لتحديد أي نتيجة، إلا أن الهندوس في كل مكان".
فيناياك دالميا، المتحدث باسم حزب المؤتمر، رفض هذه المزاعم حيث قال: "حزب المؤتمر لديه روح علمانية حقيقية"، مضيفا أنه لم يتم بعد الإعلان عن كثير من المرشحين. وأضاف: "مقارنة بأي حزب آخر، يتمتع الحزب بالثقافة المختلطة والأكثر شمولا".
متحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا لم يستجب إلى طلب التعليق.


الخوف هو أن استمرار تهميش المسلمين يمكن أن يفتح المجال للتطرف. قال علي خان محمود آباد، كبير المستشارين لحزب ساماجوادي في ولاية أوتار براديش، الذي جذب تقليديا دعما قويا من المسلمين: "في الوقت الحالي، فإن رد المسلمين الهنود على ما يحدث هو الصمت، على أمل أن يتمكنوا من استخدام الاقتراع للتصويت في حكومة أكثر شمولية.&
مع ذلك، إذا لم يحدث هذا فإن إثارة استياء السكان البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة، يمكن أن يؤدي إلى زيادة نزعة المحافظة وربما حتى التطرف، وهو أمر غير موجود في الوقت الحالي".
تم انتقاد حزب بهاراتيا جاناتا بسبب غض البصر عن زيادة أعداد هجمات المتمردين الهندوس على المسلمين من تجار الماشية والزراع الذين ينقلون الأبقار التي يعدها الهندوس شبه إلهية.


قال الأستاذ فيرنييه: "دائما ما كان الخطاب أننا مؤيدون للهندوس، ولسنا معادين للمسلمين، لكن التأثير الفعلي لذلك هو أنه يؤدي إلى أنشطة معادية للمسلمين وهجمات وعمليات إعدام خارج نطاق القانون".
كريستوفر جافرلو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم السياسية في باريس، قال إن الحكومة استهدفت المسلمين جزئيا، لإبعاد الانتقاد عن إخفاقاتها الاقتصادية، بما في ذلك الوعود بتوفير ملايين فرص العمل.
ويضيف أن الهند بدأت تشبه ديمقراطية عرقية. حيث قال: "كان من المفترض أن تكون الهند شكلا من أشكال التعددية الثقافية، مع تمثيل الأقليات في مختلف مراكز السلطة، إلا أننا نشهد الآن تهميش هؤلاء الأشخاص تدريجيا. الهند تتحول إلى ديمقراطية لا تعمل سوى من أجل الأغلبية".