& مها محمد الشريف

أعلنت مصر دعم الجيش الليبي في مكافحته الإرهاب، والتوصل إلى الحل الأرجح الذي يصحح الأوضاع، وحماية البلاد من الأحداث المتقلبة بين الحرب والسلم بالفعل المحكم. لم تكن تلك الأحداث في ليبيا ذات التداعيات الخطيرة بعيدة عن المشهد الدولي.
ومهما كان حجم الخطر في المنطقة، فهناك لاعبون يقفون على الخريطة السياسية لإفشال خطط السلام، وإمداد الأحزاب المتحاربة بالسلاح والمال، لإحداث مزيد من القتل وإراقة الدماء. ولكن الجيش بقيادة خليفة حفتر لهم بالمرصاد، فقد وضع نقاطاً محورية يجب التوقف عندها لا تقل أهمية عن زيارته إلى مصر ومقابلة السيسي؛ حيث بدأ العد التنازلي فعلياً لتحرير طرابلس، وأصبحت المواجهة علنية واضحة كوضوح الشمس، بين من يدعمون الإرهاب و«الإخوان» والدول التي تسعى إلى استقرار ليبيا.
من هنا، سيبدأ طرد الدخلاء المرتزقة الذين يضمرون الشر إلى أبعد نقطة خارج الحدود. فالدول الضليعة في زعزعة أمن ليبيا واستقرارها تنتهج التشكيك والتكذيب، والقطع والظن وتزوير الحقائق، عبر إعلامها المشبوه ومرتزقتها في كل مكان، وفي غضون ذلك قرأ العالم تاريخهم الدموي، وتورطهم في صنع الثورات والانقلابات، وتهجير الشعوب إلى مصير مجهول، وتأجيج النزاعات بتمويل مرتزقة أجانب، وهناك سياسيون متورطون مع هؤلاء من مقراتهم في طرابلس.
ولكن لم تغفل عنهم عين الرقيب، في تحليل شامل يستعرض نشاط الأطراف المشتركة والمتفاعلة معهم، لا سيما أن غاية أهدافهم تحصيل الفائدة في حدها الأقصى، وتحقيق ذلك يتطلب منهم نشر مزيد من العصابات في أنحاء البلاد، ونشر مزيد من الفوضى والقتل وإرهاب الشعب، والتشكيك في نوايا قيادة الجيش، وعلى رأسها حفتر.

ففي اللحظة التي تجد ليبيا فيها نفسها من جديد عند مفترق طرق، تصبح الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحريرها من الإرهاب، بقيادة حكيمة ستختار الطريق الأسلم، رغم الضغوطات والإنذارات بالخطر، في حين أحدث القصف الأعنف في طرابلس خسائر كبيرة، منذ بدء الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، حملته لـ«تطهير» المدينة من الميليشيات، وسط دعوات دولية وإقليمية.
وحرصاً منه على أرواح المدنيين لم يستعمل الجيش حتى الآن الأسلحة الثقيلة، رغم أن الميليشيات الإرهابية تستخدم كافة أنواع الأسلحة، ولا تفرق في ذلك بين المدنيين والجيش.
والحقيقة أن الأحزاب التي تكونت من بقايا أجهزة سياسية سابقة، تتلقى دعماً خارجياً كبيراً، على أمل تأسيس دولة معزولة تحجب عنها نور الحقائق، وتستغل مواردها النفطية، وتتمسك بإدارة المشروعات، وتسيطر على هيئات ومؤسسات الدولة بقوة قمعية، بعضها يرتبط ببعض، قسم منها يشتري ولاء الأحزاب بالإمدادات التي تصلهم من تركيا وقطر للميليشيات الإرهابية في الداخل، وقسم ينفذ المخطط الشيطاني.


من هذه الناحية نتساءل: لماذا لا تترك أنقرة والدوحة الشعب الليبي وشأنه يقرر مصيره، ويصمت «مفتي الإخوان» يوسف القرضاوي عن تأجيج الفتنة؟
هناك تجد لكل الأسئلة إجابات، عندما تشاهد «مراكب تتحرك من تركيا ومالطا إلى طرابلس ومصراتة لنقل العتاد والإرهابيين، إضافة إلى خطوط مفتوحة من تركيا ومالطا جواً، لدعم ميليشيات طرابلس بالسلاح والمقاتلين. كما أن عدد المقاتلين الأجانب يزداد في طرابلس، ولا يستبعد تنفيذ عمليات انتحارية»، أكدها وقالها الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، في مؤتمره الصحافي.
أما لأولئك الذين لا يدركون حقيقة مثل هذه التدخلات وحجم خطرها غير المحدود، فقد تسببت بأزمة كبيرة، ومعطيات في واقعها انتهاك خطير لسيادة الدولة، لتتيح مكاناً على الأراضي الليبية لخلق الإثنيات والطوائف، والأخطر من ذلك هو خلق شبكة إجرامية متعطشة للمال القطري لتهيئة الأجواء لاستمرار القتال، وحرب بالوكالة لتحويل البلاد لساحات حرب أهلية متواصلة.