تبقى المملكة محورا رئيسا على الساحة العالمية. وهذه المكانة حصدتها في الواقع من طبيعة وجودها وقوتها واستراتيجيتها المتوازنة الحكيمة. كما أنها تتمتع "بصورة طبيعية أيضا" باقتصاد كبير وقوي يوفر لها مزيدا من الحصانة لموقعها العالمي هذا. ومن هنا، يتعاطى العالم مع السعودية من جهة الدولة المحورية الفاعلة في صناعة القرار العالمي، والعارضة للمبادرات التي توفر مزيدا من الدعم للأمن والسلم العالميين. بل حتى إنها مصدر أمان لإمدادات الطاقة على الساحة الدولية عبر سياستها المعتدلة المسؤولة التي تستهدف استقرار الاقتصاد العالمي، والعمل على دفع النمو المطلوب فيه. والمملكة ترفض منذ تأسيسها سلوكيات "الأجندات السرية"، وهذا ما زاد من محوريتها عالميا. فاستراتيجيتها واضحة للجميع، ومواقفها أوضح من أن تناقش أصلا.


وانضمام السعودية لمجموعة العشرين كان طبيعيا للأسباب سالفة الذكر، فضلا عن علاقاتها المتينة على الساحة الدولية ككل. وهي مع بقية المجموعة تسيطر عمليا على 80 في المائة من الناتج المحلي العالمي، كما أنها طرحت مبادرات في السنوات الماضية أسهمت في حل كثير من المشكلات الاقتصادية العالمية، وقللت من الضربات التي مرت على هذا العالم. وفي أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، اتخذت مجموعة العشرين زمام المبادرة، ولا تزال تمسك بها، وستظل كذلك، ولا سيما بعد أن أظهرت مسؤولية عالمية تاريخية في معالجة أزمة قيل عنها: إنها لا تحدث إلا كل قرن من الزمن. واعترف أعضاء مجموعة العشرين علنا بأن المملكة تتصدر قائمة الدول الأكثر التزاما بتعهداتها سواء على ساحتها الداخلية أو الخارجية، بصورة فاقت دولا تسيطر على اقتصاد كبير.


وعقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في السعودية، هو إجراء طبيعي لدولة عضو في هذه المجموعة، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى مكانة هذه الدولة ضمن المجموعة وخارجها. وهذه القمة تؤكد مجددا أهمية ما تقوم به السعودية محليا وإقليميا وعالميا، فضلا عن أنها تبرز مرة أخرى مدى قوة الاقتصاد السعودي، وجدوى الاستراتيجية التي تنفذ في المملكة، لصياغة مستقبل تنموي أكثر استدامة. وهذا الاقتصاد يعتبر مؤثرا كبيرا في الساحة العالمية، لكثير من الأسباب، وفي مقدمتها الجانب الخاص بالطاقة. فالمملكة وقفت بقوة من أجل استقرار الإمدادات والأسعار في الأسواق العالمية عندما احتاج الأمر إلى ذلك. وهي عمليا تقود اتفاق خفض الإنتاج الحالي الذي يستهدف إمدادات طبيعية وأسعارا منطقية، بعد أن وقفت ضد محاولات التخريب المستمرة خصوصا من جانب النظام الإرهابي الإيراني.


انعقاد قمة مجموعة العشرين في السعودية، يعزز مسار الاقتصاد السعودي نفسه، ويؤكد للعالم أنه يمضي قدما نحو آفاق يستحقها. فالاستثمارات الأجنبية ستشهد قفزة أخرى جديدة، خصوصا بعدما حققت كثيرا من أهدافها في الفترة الأخيرة. وهذه الاستثمارات "مثلا" تستند في الواقع إلى سمعة المملكة العالمية بقدر ما تتكئ على قوتها الاقتصادية والمالية المعروفة. والقمة المشار إليها، تؤكد أيضا نجاعة الجهود التي بذلتها القيادة في السنوات القليلة الماضية على الصعيد العالمي، يضاف إلى ذلك بالطبع أن القمة تنعقد في أوج مسار "رؤية المملكة 2030"، تلك الاستراتيجية التي ألهبت حماس وإعجاب الوسط الاقتصادي على المستوى العالمي. قمة مجموعة العشرين في المملكة ستكون في حد ذاتها نقطة تحول عالمية أيضا، نظرا لأنها ستناقش قضايا يعانيها الاقتصاد العالمي، وستعمل على التوصل لحلول ناجعة لها، إنها قمة الكبار في بلد كبير في كل شيء.