&FINANCIAL TIMES

&سام فليمنج وبان كوان يوك&&

تحدى الاقتصاد الأمريكي المخاوف من حدوث تباطؤ في الربع الأول، متغلبا على الإغلاق الحكومي المطول، والتوترات التجارية، وانعدام التيقن الاقتصادي على الصعيد العالمي، ليحقق معدل نمو تجاوز توقعات المحللين.
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي قدره 3.2 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، حسبما أظهرت قراءة أولية من وزارة التجارة، متجاوزا بسهولة توقعات وول ستريت لنمو بنسبة 2.3 في المائة.
كما أعلن عن تسجيل معدل توسع في الاقتصاد، خلال الربع الرابع من العام الماضي بلغ 2.2 في المائة.


هذا التقرير القوي بمنزلة دفعة بالنسبة إلى الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، بعدما أدت مخاوف النمو في وقت سابق من هذا العام إلى ارتفاع سوق السندات.
وسرعان ما تسلح الجمهوريون الذين يراقبون الاقتصاد بقلق بالنتائج، في الوقت الذي يستعدون فيه لانتخابات العام المقبل.
قلصت البيانات المخاوف السابقة من أن الولايات المتحدة ستواجه ركودا وشيكا، ما يترك الاقتصاد في المسار الصحيح ليحقق أطول توسع له على الإطلاق، في وقت لاحق من هذا العام.
إلا أنه تحت رقم النمو الرئيس المثير للإعجاب، كان هناك بعض التفاصيل الأساسية في التقرير أقل إبهارا.
تباطأ الإنفاق الاستهلاكي في الربع الرابع، واعتمد النمو اعتمادا كبيرا على التراكم في المخزونات، وهو ما قد ينعكس في وقت لاحق من هذا العام.
يزيد التقرير من تعقيد المداولات المتعلقة بالسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يقيم النمو الرئيس للشركات، وسوق العمل المرن ضد التضخم الضعيف المحير، بحسب ما ينظر إليه إذا ما كانت تلك هي الخطوة التالية حيال أسعار الفائدة، التي يجب خفضها بدلا من زيادتها.
وقال ميجان جرين كبير الاقتصاديين في "مانوليف أسيت مانجمنت"، "إن الرقم الرئيس رائع، لكنه لا يعكس طلبا قويا بشكل خاص، فيما تعززه عوامل أخرى. المستهلكون ليسوا في ورطة، على أنهم لا يبذلون قصارى جهدهم أيضا".
ركز المستثمرون على البيانات الأساسية الأكثر ليونة، ما أدى إلى انخفاض الأسهم الأمريكية في التعاملات المبكرة في نيويورك، وتسبب كذلك في ارتفاع السندات.
انتعشت الأسهم في وقت لاحق - أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعا بنسبة 0.5 في المائة - لكن العائد على سندات الخزانة القياسية لأجل عشر سنوات، ظل منخفضا بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 2.5 في المائة.
بيانات التضخم الأضعف، عززت التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيوقف زيادات سعر الفائدة هذا العام، بل وأثارت توقعات المستثمرين من أن البنك المركزي قد يخفض أسعار الفائدة.
تضع أسواق العقود الآجلة التسعير عند فرصة بنسبة 66 في المائة لمصلحة خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قبل نهاية العام، ارتفاعا من 61 في المائة، فيما مضى.
وقال جون هيل، محلل أسعار الفائدة لدى "بي إم أو كابيتال ماركتس"، "نعم ، يبدو الناتج المحلي الإجمالي قويا على أساس رئيس، لكن التفاصيل أضعف كثيرا، ولا سيما على جبهة الاستهلاك الشخصي وكذلك التضخم المخيب للآمال، علما بأن التضخم سيوجه جزءا كبيرا من مسار سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي".


بدا للوهلة الأولى، أن أكثر اقتصادات العالم أهمية، على وشك الدخول في تباطؤ حاد في بداية العام، مع ما أشارت إليه سلسلة من التقارير الاقتصادية الضعيفة، من أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، قد يصل إلى 0.2 في المائة.
تزايدت المخاوف من حدوث الركود بسبب انقلاب منحنى العائد الأمريكي لفترة وجيزة، في الوقت الذي دفع فيه عدم التيقن بشأن اتجاه الاقتصاد العالمي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلى إلغاء خططه لزيادة أسعار الفائدة هذا العام.
منذ ذلك الحين، ساعد تحسين البيانات الاقتصادية، والمصارف المركزية الأخرى الأكثر حذرا، وعلامات التقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، على استعادة ثقة المستهلكين والمستثمرين.
كل من مؤشري ستاندرد آند بورز 500 العريض وناسداك المركب لأسهم التقنية، عادا مرة أخرى إلى دائرة التربح.
أعربت إدارة ترمب عن سرورها حيال تقرير الناتج المحلي الإجمالي، بحجة أن الاقتصاد الأمريكي يتحدى المشككين الذين توقعوا حدوث تباطؤ.
وقال وزير التجارة ويلبر روس "يوضح تقرير الناتج المحلي الإجمالي المثير للإعجاب، أن سياسات الرئيس ترمب تطلق العنان لحيوية الاقتصاد الأمريكي، وتفي بوعد الرئيس بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3 في المائة، وتحقيق الفائدة للعمال الأمريكيين عبر إيجاد وظائف أفضل بل ودفع أجور هي الأعلى".
مع ذلك، فإن تحسين التوقعات العالمية لم يضع حدا للحديث من أن الخطوة التالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، يمكن أن تكون خفض سعر الفائدة، بالنظر إلى ثبات ضعف التضخم وعلامات مواطن الضعف الكامنة في الاقتصاد الأمريكي. ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 1.2 في المائة في الربع الأول، وهو تباطؤ حاد مقارنة بوتيرة 2.5 في المائة في الربع الأخير من عام 2018.


ارتفعت المبيعات النهائية الفعلية للمشترين المحليين من القطاع الخاص، وهو مقياس للطلب المحلي الخاص، ارتفاعا بسيطا بلغ 1.3 في المائة في الربع الأول، بعد ارتفاعها بنسبة 2.6 في المائة في الربع الرابع من العام الماضي.
وقالت ليديا بوسور، المختصة الاقتصادية الأمريكية في جامعة أكسفورد "لقد كشفت تركيبة النمو أن الاقتصاد سيمر بمرحلة ركود بلا شك".
في الوقت نفسه، كان أكثر من نصف معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعا بالتجارة والمخزونات. وقابل ذلك تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، إضافة إلى تباطؤ الاستثمارات الثابتة غير السكنية، التي نمت بنسبة 2.7 في المائة، بعد أن كانت 5.4 في المائة في السابق. كما تقلص الاستثمار السكني للربع الخامس على التوالي.


وقال هارم باندهولز، المختص الاقتصادي في شركة يونيكريديت في نيويورك، في مذكرة "مجملا، يبدو التقرير أفضل مما هو عليه بالفعل". وأضاف "لن يستمر التحسن في صافي الصادرات، كما أن الزيادة المتجددة في مخزونات "الربع الثالث على التوالي، ترتفع بوتيرة سريعة" ستنعكس قريبا. عندما يحدث ذلك، سيشكل عائقا كبيرا أمام النمو".

&