& طارق الثقفي

تعد مكتبة الحرم المكي من أقدم المكتبات في العالم الإسلامي، إذ تضم أكثر من 350 ألفاً من أندر الكتب والمخطوطات، وتشكل معلماً بارزاً وأثراً حضارياً في مكة المكرمة، إذ إن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان في موقعها.

يعود إنشاء مكتبة الحرم المكي إلى القرن الثاني الهجري في عهد الخليفة العباسي المهدي عام 160هـ، وتكتسب أهميتها التاريخية والحضارية من موقعها واحتوائها على العديد من الكتب والمخطوطات النادرة.

وأضح الدكتور عبد الرحمن الشهري مدير الشؤون العلمية والفكرية مدير مكتبة الحرم المكي بالرئاسة العامة لشؤون الحرمين لـ«الشرق الأوسط»، أن مكتبة الحرم المكي الشريف شاهد على العطاء منذ 13 قرناً، لافتاً إلى أن رؤيتها تتركز حول الريادة عالمياً في إثراء المعرفة وتوفير مصادر البحث والمعلومات، فيما تعزز رسالتها العمل على إبراز الصورة المشرقة لرسالة الحرمين الشريفين، وتسخير الموارد المتاحة لتقديم أفضل الخدمات المعرفية والمعلوماتية بكفاءة وفاعلية.

وأوضح الشهري أن هدف مكتبة الحرم المكي الاستراتيجي هو العمل على تطبيق المعرفة وتطوير منظومة المجالات كافة، الإعلامية والعلمية والخدمية والإرادية والتقنية والفنية والتدريبية، بما يتوافق مع رؤية السعودية نحو تطبيق التنمية المستدامة.

وأكد السعي إلى تطوير بيئة العمل لرفع كفاءة وفاعلية الأداء لمنسوبي مكتبة الحرم والارتقاء بمستوى الجودة المعلوماتية والخدمية للمستفيدين، إضافة إلى مساندة منظومة التعليم الجامعي من خلال توفير خدمات مصادر المعلومات.

وتابع الشهري: «هدفنا تهيئة ونقل المعرفة بمختلف أنواعها وأشكالها وتطويرها، وإثراء الإنتاج الفكري في التخصصات الموضوعية وتنظيمها وضبطها وتوثيقها، والتعريف بها بأحدث الوسائل التقنية، ومواكبة التطورات الحديثة في مجال خدمة المعلومات، لتيسير عمليات البحث والوصول بأعلى جودة وأسرع وقت ممكن».

وتطرق إلى أن مكتبة الحرم المكي تتعاون مع مراكز المعلومات والمكتبات والجهات ذات العلاقة، وتسهم في خدمة المجتمع عن طريق إقامة الدورات التدريبية للتنمية البشرية والمعرفية والوعي المعلوماتي، لافتاً إلى أن المكتبة تتكون من 13 طابقاً بمساحة أرضية تزيد عن ألفي متر مربع، وخمس قاعات اطلاع للرجال، وقاعة اطلاع للنساء، وقاعات اجتماع وتدريب ومركز للبحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، وإدارة للإنتاج الصوتي والمرئي التوجيهي.

وحول المخطوطات التي تحويها المكتبة أوضح أنها تضم نوادر المخطوطات الأصلية والمصورة ويبلغ عددها 6842 مخطوطاً أصلياً و2634 مصوراً عربياً وأعجمياً و200 ألف مجلد و8 آلاف كتاب نادر، إضافة إلى 40 مكتبة وقفية خاصة، و4443 مجلد صحيفة في قسم الصحف القديمة، فضلاً عن وجود قسم الترميم والتعقيم للمخطوطات والكتب المتهالكة القديمة.

وأشار مدير مكتبة الحرم المكي إلى وجود قسم الإهداء والتبادل الذي يثري المكتبة من خلال تبادل مصادر المعلومات مع الأفراد والمؤسسات العلمية، إلى جانب قسم «التزويد» الذي يعد البوابة الأساسية للمكتبة من خلال توفير كل ما تحتاجه المكتبة للاستفادة من مصادر المعلومات الحديثة، فضلاً عن وجود قسم لتصوير المخطوطات والكتب النادرة ومعالجتها رقمياً لحفظها من التلف عن طريق الأجهزة الرقمية وأجهزة الميكروفيلم.

إلى ذلك، وفّرت إدارة المكتبة كتباً مطبوعة نادرة من القرن الثاني الهجري منها كتاب «المستطاب»، المسمى «شرح المواقف»، الذي طبع بدار الطباعة العامرة بعهد القسطنطينية عام 1239هـ و«مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» الذي يرجع تاريخ طبعه عام 1258هـ بدار الخلافة العلية، وأيضاً كتاب «الأشباه والنظائر» الذي يرجع تاريخ طباعته لعام 1260ه.