& حسين شبكشي

&&

مع ارتفاع درجات القلق والتوتر في منطقة الخليج العربي، وزيادة الحرب الكلامية بين النظام الإيراني والولايات المتحدة، لا يمكن اعتبار حوادث الخلية الإرهابية التي تم القضاء عليها في الزلفي والتابعة لتنظيم «داعش»، وبعدها تم كشف خلية إرهابية أخرى في القطيف، وها هي عمليات «تخريبية» تحصل في الخليج العربي بحق سفن تجارية تابعة للسعودية ودولة الإمارات... لا يمكن اعتبار حدوث كل ذلك من باب الصدفة، خصوصاً أنه يأتي بعد تكليف شخصية جديدة لقيادة «الحرس الثوري» الإيراني، الذي وعد بعمليات «جديدة ومتنوعة» للرد على التهديدات بحق إيران. ولكن الاسم المهم الغائب عن المشهد المضطرب هذا هو «روسيا»، وروسيا لها علاقة غير تقليدية مع إيران. فتقليدياً الروس لديهم اهتمام بما يحصل في إيران لقناعتهم بوجود حدود استراتيجية مشتركة بين البلدين في بحر قزوين. استغلت روسيا هذه العلاقة الخاصة مع إيران بدعمها في برنامجها النووي وتوفير كل التقنيات اللازمة لإنجازه مقابل «مضايقة» إيران وميليشياتها بكل أشكالها لأميركا وإخراجها عسكرياً من العراق، وتركت لها المجال في سوريا حتى حصل الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والدول المؤثرة في أوروبا. وقتها حسم الرئيس الروسي أمره وقرر الدخول بكامل قواته وعتاده إلى سوريا و«إخراج» إيران من المشهد السوري كلاعب رئيسي.
هذا المشهد يعيدنا بالذاكرة لأغسطس (آب) من عام 1941؛ الفترة التي حصل فيها التدخل الإنجليزي - السوفياتي من أجل ضمان وتأمين إمداد النفط إلى الأسواق بشكل مستقر، عندها تقاسم السوفيات على القسم الشمالي من إيران والإنجليز على الجزء الجنوبي من إيران.
هناك تقارير تسرب أن نظام إيران يتآكل من الداخل، وقد يكون الوضع «جاهزاً» لأن يكرر التاريخ نفسه في حالة سقوط النظام الإيراني؛ فقد يكون من الممكن أن نرى سيطرة أميركية على الجزء الجنوبي من البلاد مقابل سيطرة روسيا على الجزء الشمالي. الأسواق التجارية والبورصات المالية وأسعار النفط والذهب لا تزال صامدة ومستقرة حتى الآن من دون قلق أو تشنج، ما يعني أن هناك احتمالات «قليلة» لحرب مفتوحة ضد إيران، وإن كان الحراك العسكري الأخير من قبل الولايات المتحدة لا يمكن التقليل منه أبداً.
إيران دولة مارقة منذ وصول الخميني إلى رأس السلطة فيها، والمنطقة لم تهدأ أبداً ودوماً ما كانت أصابع الاتهام تشير إلى إيران وأدواتها الإجرامية. هناك أطراف لديها مصالح عظمى في «تغيير» جذري في وضع إيران، ولكن العالم كله بات مدركاً أن استمرار إيران بوضعها الحالي فيه تهديد للسلام العالمي. وهذا ما زرعه النظام بيديه ويجني حصاده اليوم.
قد لا تكون هناك طبول حرب تقرع في الآفاق، ولكن جرس إنذار لدرس مؤلم تجاه نظام تمادى أكثر مما يجب.