هل ينجز مجلس الوزراء اللبناني اليوم الثلثاء مشروع موازنة 2019 متأخرا عن الوعد بالانتهاء من إقراره تمهيدا لإحالته إلى المجلس النيابي من أجل إقراره قبل نهاية الدورة العادية للبرلمان في نهاية الشهر الحالي؟

سؤال يتردد في أروقة السياسة اللبنانية، لأن إخراج الموازنة إلى النور هو امتحان لمدى قدرة الحكومة اللبنانية والطبقة السياسية برمتها على الوفاء بالتزاماتها التي تأخرت عنها 5 أشهر، جرى فيها الصرف على قاعدة موازنة 2018 التي ارتفع فيها العجز قياسا إلى الدخل القومي، عدة نقاط، فيما المطلوب خفضها إلى ما يقارب ال7.5 عبر تقليص النفقات، ورفع الإيرادات.

وذكر مصدر وزاري لـ"الحياة" أن مجلس الوزراء ينتظر احتساب وزارة المال لنتائج التخفيضات التي اتخذت قرارات في شأنها حتى الجلسة الحادية عشرة أمس من أجل التأكد إذا كانت كافية في خفض العجز، ليبني على الشيء مقتضاه، فإما أن التخفيضات غير كافية، وعليه أن يقتطع من الإنفاق حتى على الرواتب، أو يكتفي بالتخفيضات التي قررها إلى الآن لأنها تحقق التقليص المطلوب في إنزال نسبة العجز إلى الدخل القومي، مما يسمح بتفادي التحركات الاحتجاجية لموظفي القطاع العام وللمتقاعدين المدنيي والعسكريين الذين يخشون على تقديماتهم المالية، إذا تقرر اعتماد مبدأ تجميد جزء من تقديمات الروتب لـ3 سنوات، للرواتب التي تتخطى سقفا معينا، على أن يعاد دفعها بنهاية السنوات الثلاث.



وبعد الجلسة تسربت معلومات عن أن وزير الخارجية جبران باسيل اعترض على عدم اعتماد تخفيضات إضافية وأنه سيطرح في الجلسة المقبلة التي تنعقد برئاسة رئيس الجمهورية جملة اقتراحات.

ويجري بحث أرقام الموازنة على وقع تحركات الشارع الاحتجاجية، التي تقول مصادر وزارية لـ"الحياة" أن رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من ممثلي القوى السياسية يصرون على إنقاص النفقات فيها، للحؤول دون مزيد من التدهور في مالية الدولة نتيجة تراكمات من في كلفة القطاع العام، في ظل جمود في الوضع الاقتصادي على مدى سنوات.

وفي الجلستين الأخيرتين ليل أول من أمس حتى فجر الإثنين، وأمس، اتخذت الحكومة سلسلة قرارات، أعلنها وزير الإعلام جمال الجراح. فعن قرارات أول من أمس أعلن عن تخفيض رسوم التسجيل للدراجات، لأن أغلبها غير مسجل نتيجة ارتفاع الرسوم، والهدف تشجيع الناس لكي يسجلوا دراجاتهم.

وأوضح أن مساهمة الدولة في المدارس المجانية أصبحت خاضعة لرقابة التفتيش التربوي. واتخذت قرارات بخصوص الالتزام الضريبي، والغرامات على التهرب الضريبي أصبحت عالية لنضبط جباية الدولة من الضرائب. كما رفعنا الرسوم قليلا على إجازات العمل للأجانب. كما خفضنا مساهمة الدولة في المؤسسات العامة التي تستفيد من مساهمات من المالية العامة بين 10 و50 في المئة لبعض المؤسسات كي نضبط إنفاقها.

وأشار إلى أن "هناك قرارات بحاجة إلى صياغة قانونية بخصوص تشجيع الاستثمار، في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ورفعنا الرسوم على الطائرات التي تهبط في مطار بيروت بما يزيد الدخل والرسوم، تساويا مع بقية المطارات في العالم أو المنطقة.

وأكد أن الاقتطاع من الرواتب للموظفين والرؤساء والوزراء والنواب تأجل حتى نرى الإجراءات التي اتخذناها حتى الآن وما الذي ستخفضه من العجز، وإن كانت كافية أم لا. والموضوع بحاجة إلى بحث في العمق أكثر لكي نتخذ قرارا بشأنه. لكنه اعتبر أنه لأول مرة نكون قساة في التخفيضات بالموازنات.

وفي جلسة أمس الإثنين أعلن الجراح عن بحث جرى في التقديمات للمؤسسات والجمعيات والهيئات التي تحصل على مساهمات من الدولة. وكان المجلس حريصا جدا على عدم المس بالتقديمات للجمعيات والهيئات الجدية والأساسية في حياة المواطنين، أهمها مركز سرطان الأطفال، مركز نقي العظم، كاريتاس، الصليب الأحمر وغيرها من المؤسسات التي تقدم خدمات طبية وتربوية وصحية للمواطنين. هذه المؤسسات لم يمس بالتقديمات التي تحصل عليها، ولو كانت هناك إمكانية لكنا زدنا هذه التقديمات رغم الوضع الصعب، لكن حافظنا على ما كانت الدولة تقدمه لها، لأنها تقدم خدمات للمواطنين خاصة في هذه الظروف الصعبة، وهي بحاجة لهذه التقديمات لكي تستمر في عملها وكفاءتها، وهي أثبتت وجودها وعلاقتها بالناس.

أضاف: في المقابل، حصل تخفيض بسيط جدا لتقديمات بعض الجمعيات والهيئات والمؤسسات، بحدود الـ10% أو 15% بالحد الأقصى، لكي تستمر هذه المؤسسات في خدمة المواطنين.

وقال إن وزير المالية علي حسن خليل سيقدم اليوم ملخصا لكل ما قمنا به في الفترة الماضية، ولنتائجه المالية وعلى أي أرض مالية نقف.

وعن التخفيضات لجمعيات المهرجانات السياحية والفنية أوضح الجراح أنه كانت هناك آراء بالتخفيض أو المحافظة على التقديمات، وما أهميتها في السياحة، لكن بقي البند على ما هو عليه.

وبرر التأخر في الانتهاء من الموازنة بالقول إن الأمور تأخذ نقاشا ووقتا، لكنه مفيد ومسؤول. فنحن أمام موازنة إصلاحية، وهناك الكثير من النقاش حول معظم البنود.

وأوضح ردا على سؤال حول القرار المتخذ في شأن التدبير الرقم 3 في القوات المسلحة (الذي يرفع الرواتب والتقاعد نتيجة حال الاستنفار) أنه أقر التدبير الرقم 3 بمواجهة العدو الإسرائيلي، ويبقى لوزيري الدفاع والداخلية أن يحددا التدابير اللازمة بالنسبة إلى المناطق الأخرى. قد تكون هناك مناطق أخرى يستنسبان فيها تطبيق التدبير رقم 3، ربما بيروت مثلا، وربما مناطق أخرى التدبير رقم 2 أو رقم 1. هذا عائد لتقييمهما للوضع الأمني وخطورته، فيتخذان الإجراء المناسب.