جرائم الحوثي صناعة إيرانية

&


"ما نفذته الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم إرهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة أرامكو السعودية، يؤكد أنها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران". هذه العبارات الصريحة جدا، تضع النقاط على الحروف، فالمملكة لم تتهم إيران بإعطاء الأوامر للميليشيات الحوثية من فراغ، بل هي نابعة من دراسة عميقة للموقفين السياسي والعسكري القائمين الآن، فالصراع في الداخل اليمني كان يقوم بين طرفي النزاع في اليمن بعد تمرد الحوثي على السلطة الشرعية فيها، والمملكة قدمت دعما لوجستيا للشرعية في اليمن بناء على طلب رسمي من الرئيس الشرعي هناك، وإنقاذا للشعب اليمني ونصرة للضعفاء، وأيضا مساهمة منها في الجهود الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب الناشئة عن عدم احترام ميليشيات الحوثي للقرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة بين أطياف الشعب اليمني كافة.
ومنذ ذلك الحين وميليشيات الحوثي تهاجم الحدود السعودية، مدعومة بمنظومة أسلحة وترسانة صواريخ أثبتت المملكة أكثر من مرة أن إيران مصدر لهذه الأسلحة، وأن القائمين على تنفيذ هذه التقنية المتقدمة تلقوا تدريبات كافية خارج اليمن قبل اندلاع النزاع هناك، وهو ما يؤكد بكل جلاء الترتيبات المخطط لها لجر المنطقة إلى نزاع طويل واسع النطاق، وهذا ما حاولت المملكة تأكيده طوال سنوات التمرد الحوثي على شرعية اليمن. ورغم استهداف المطارات جنوبي المملكة واستخدام الصواريخ لاستهداف المدنيين في المناطق الحدودية، بل وصل الأمر إلى استهداف الحرم المكي الشريف لترويع الحجاج الآمنين، إلا أن المملكة بذلت كل مساعيها لعدم خروج القضية عن مسارها، وأن تبقى المسألة يمنية في المقام الأول، وتحل بسواعد الشعب اليمني. لكن إيران التي تقف خلف ميليشيات الحوثي وتصدر له الأوامر لم تكن لتقتنع بهذا المسار، وتحاول مرة بعد أخرى استهداف المنشآت السعودية والنيل من مقدراتها مستخدمة الحوثي كأداة صريحة مرة، ومستترة خلفه مرة أخرى، وبعد أن تم دفع ميليشيات الحوثي للقيام بعمليات انتحارية على الحدود السعودية، وإطلاق الصواريخ واستهداف الآمنين من المدنيين، ثم استخدام الطائرات دون طيار لمهاجمة المطارات وإرباك حركة الملاحة الجوية، تحاول إيران اليوم استهداف مضخات النفط في العمق السعودي، وهو ما وصفه الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي بأنه من الأعمال الإرهابية وبأوامر عليا من طهران، ويضعون به حبل المشنقة على الجهود السياسية الحالية.
في هذا السياق أيضا، قال عادل الجبير وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية في تغريدة: "الحوثي يؤكد يوما بعد يوم أنه ينفذ الأجندة الإيرانية ويبيع مقدرات الشعب اليمني، وقراراته لمصلحة إيران وأنه جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني ويأتمر بأوامره، وأكد ذلك استهدافه منشآت في المملكة" ، وهذه التغريدة واضحة بشكل جلي بشأن حالة القرار عند الحوثي، فالصراع في الداخل اليمني، هو صراع سياسي تحول إلى مسار عسكري، وهذا ما حاولت وتحاول المملكة نزع فتيله والعودة بالجميع إلى طاولة الحوار السياسي لحل الخلافات الراهنة كافة، ولهذا فإنه يصعب قراءة التصرفات العسكرية الحوثية باستهداف المملكة مرارا وتكرارا، وهو أمر خارج سياق الصراع في اليمن وخارج مصالح الحوثي السياسية هناك.
إن المعطيات الحالية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحوثي ليس جناحا سياسيا يمنيا يقدم مصالح الشعب اليمنية، بل هو ذراع إيرانية يريد تنفيذ مخططاتها وأجندتها حتى لو كان ذلك على حساب القضية اليمنية وحل النزاع هناك، ولهذا فإن تصريحات وزير الدولة للشؤون السياسية في المملكة تضع النقاط على الحروف، بأن الحوثي جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني، وعليه تنفيذ أجندة إيران فقط، هنا يجد استهداف مضخات النفط في العمق السعودي تفسيره الحقيقي.
فالحوثي المتمرد على الشرعية لم يعد يصنف يمنيا أو عربيا أو حتى جزءا من العملية السياسية في اليمن، بل هو مجرد حرس ثوري إيراني في الخاصرة اليمنية، وهنا فقط ندرك معنى عبارات الأمير خالد بن سلمان بأن هذه التصرفات الحوثية تضع حبل المشنقة على الجهود السياسية الحالية.