&فارس بن حزام&&

عندما يبلغ الخطر الإيراني هذا المستوى، علينا أن نتذكر جميع المسهمين في النتيجة، فإضافة إلى الثلاثي الأوروبي (بريطانيا، ألمانيا وفرنسا)، هناك شخصية عربية بارزة؛ الدكتور محمد البرادعي.


كان البرادعي غطاء حركت إيران من تحته مشروعها النووي، وقد بذل جهده لتجنيبها أي عقوبات خلال إدارته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكرر مراراً أن البرنامج الإيراني "سلمي"، ودفع بتقاريره مندوبي الدول إلى تعطيل الإحالة إلى مجلس الأمن. وفي إحدى جولات التفتيش، تبين للمراقبين أن غرفاً طليت بالدهان، لإزالة النشاط الإشعاعي. التضليل الإيراني لم يغير موقف البرادعي، بل أعاد صياغة التقرير قبل تقديمه إلى الوكالة، وخفف من شكوك الفريق، ليعزز رؤيته تجاه سلمية البرنامج النووي. وبلغت حماسته أن حذف فقرة خطرة من تقرير الوكالة، عندما ظهر في أيلول (سبتمبر) 2004 خبر إجراء تجارب خطرة في مرفق "بارشين"، في خطوة متطورة ضمن مشوار إنتاج السلاح النووي، تلك أمثلة سريعة من مسيرته الطويلة في وكالة الطاقة.

لم يخف الدكتور البرادعي آراءه في موضوع إيران. وراهن على سلمية النظام وصدق نواياه، على رغم صراحة أفعاله وجنون حكامه، وهو من قال في عام 2007: "أريد أن أبعد عن الأذهان فكرة أن إيران سوف تصبح تهديداً في الغد".

لقد جاء ذلك الزمن، ورأينا أفعال طهران. لكن ذلك لم يغير شيئاً لدى الدكتور، إذ عاد في مطلع الشهر، ليُحمل دول الخليج مسؤولية المفاوضات، ويدعوها إلى المشاركة فيها، وعدم ترك ذلك لواشنطن والغرب، ولم تصدر منه إدانة واحدة في حق ممارسات طهران.

جرب الغرب التفاوض مع "نظام الملالي"، وشهدنا العبث طوال سنواتها، والنتائج المأسوية بعد نهايتها بالاتفاق القبيح. وكل ما يقوله الدكتور أن "شاركوا في التفاوض". إنه يريد منح النظام المأزوم انفراجة، ويريد لدول المنطقة أن تعود إلى الخديعة مجدداً، مع نظام لا يؤمن بالمواثيق ولا العهود ولا الأعراف، ولا يقيم وزناً للدول وحدودها وشؤونها الداخلية.

نال الدكتور البرادعي من الجوائز والتكريم ما لم ينله مسؤول دولي قبله؛ "جائزة نوبل للسلام"، وأربع عشرة أخرى عالمية، وخمس عشرة دكتوراه فخرية، وكل ذلك لا يغفر تقديره الخاطئ، والقاتل في آن، تجاه سلامة البرنامج الإيراني، علاوة على استماتته في الدفاع عنه، وانحيازه للرؤية الأوروبية الانتهازية، والقائمة على الجهل. والأكثر إيلاماً أنه مازال على خطئه بعد ذلك كله.

&

&