علي القاسمي&

ألعاب إيران وسلوكها المستفز وتذبذبها الدائم بين دعوات التهدئة ومشاريع التفتيت هي حكايات باتت معروفة تماماً، وكل متابع منصف لمجريات الأحداث يؤمن أن طهران تتصدر منصة المهددين لأمان الدول وصناع الأزمات والفتن، والراغبين في أن تتحول المناطق المحيطة بهم لمخاطر لا تتوقف وبرك دماء وتصعيد مستمر على مختلف المستويات، ولا غرابة فالعقل المشبع بالإرهاب والكراهية والخلل لا يمكن أن يفكر بطرق أخرى أو يمضي وشأنه إلى بر الأمان أو مصافحات سلام حقيقية لا وهمية.


ومع بالغ الخيبة فإن التجارب السابقة والتاريخ الطويل من المراوغات والخدع يؤكدان بما لا يدع مجالاً للشك أن تعديل السلوك الإيراني أمر بالغ الصعوبة والتعقيد، ولا يمكن أن يؤخذ حديثها على محمل الصدق ولا تمرر جملها مهما كانت على زاوية التطمين والهدوء، فهي دولة أدمنت مخططات الظلم وتوزيع الجهل وممارسات القتل والغدر والفساد والتخريب، وهي مهووسة بالتدخل في كل الشؤون على ألا يتدخل أحد في شأنها ولا يسألها لماذا عملتِ؟ وما تهدف إليه من عمل ما؟ قد يكون الوقت مناسباً لقص أظافر النظام وخلع أنيابه المسمومة، وفي الوقت ذاته إسقاطه من غروره وهمجيته واستباحته لكل شيء، إذ إنه لا يرى أحداً، نظام الملالي ممتلئ بالحقد والفوقية وقناعته - على الدوام - أنه بمنأى عن التأديب الصارم، على رغم سيرته المخجلة وكون كل خطواته وأعماله مرتكزة ومؤسسة على تمويل الإرهاب وتسليح المنغمسين فيه وتصدير الهمجية والتخلف.

ما يدعو للضحك هو إصرار النظام المختل على وصفه بالإسلامي لعله يعبث بالعقول أو يدغدغ المشاعر، وقد قال أحدهم من المتشبعين بنظام الملالي إن «أي اعتداء على الجمهورية الإيرانية يعد بمثابة الاعتداء المباشر على الدول الإسلامية بغض النظر عن مواقف الدول العربية والإسلامية من إيران»، وكأن علاقة إيران بالدول العربية والإسلامية علاقة وفاء ونبل وحماية وصدق وحرص على الهوية والمستقبل والدماء، لكن مثل هذه الجمل والأساليب الملتوية لا تعدو كونها حيلاً ترويجية لمزيد من الوكلاء والعملاء الذين تحسن إيران استخدامهم في مهمات التصعيد والتأزيم وإثارة المخاوف. النظام المتوهم لا بد وأن يزول وهمه الذي طال، ومع هذا الزوال ستنجو كثير من المساحات التي عاشت تحت وطأة الفقر والقهر والدمار، المتابعون للحراك بدقة والباحثون عن عيش سوي وحياة آمنة ومستقبل مفرغ من الخيانات والانتهاكات والاعتداءات، ينتظرون على أحرّ من الجمر أن يحدث ما يوقظ النظام الإيراني ويعيده - جبراً - لترتيب بيته الداخلي وشؤونه الخاصة المهترئة والتي تعيش الغليان المستمر والحرائق المستترة، المد الإيراني السام يجب أن يتوقف مهما كانت الخطوات اللازمة لذلك، يكفي ضياع أربعة عواصم عربية، ويكفي خداع العالم وقهر الشعوب لسنوات طويلة، ويكفي تحدي الإرادة الدولية وتقويض كل مساعي العمل والتسوية لإعادة المنطقة إلى أجواء أقل اشتعالاً وعراكاً!