قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية وأمين عام حزب العدالة والتنمية، إن بلاده تمثل «واحة من الأمن والاستقرار في محيط مضطرب جداً، وفيه تحولات دولية إقليمية كبيرة وضاغطة»، مقراً بأن هذه التحولات تطرح تحديات وصعوبات أمام بلاده.
وأضاف العثماني في كلمة ألقاها خلال اجتماع اللجنة الوطنية لحزب العدالة والتنمية أمس، بمقر حزبه في الرباط، أن تأثير التحولات الدولية على المنطقة «ستكون كبيرة ولا أحد يمكن أن يتنبأ بها». مؤكداً أن مستقبل التوتر القائم بين إيران والولايات المتحدة سيؤثر «سياسياً وأمنياً واقتصادياً على دول الجوار والمنطقة»، ومعتبراً أن هذا التوتر سيؤثر على أسعار النفط والغاز، وهي كلها «تحديات فيها صعوبات تواجهها بلادنا حالاً ومستقبلاً».


وشدد رئيس الحكومة المغربية على أن بلاده، ورغم حجم الصعوبات والتحديات «لها القدرة على التأقلم مع الوضع، واستطاعت أن تؤسس لإصلاحات هيكلية وعميقة، تمكننا من الصمود أمام الاهتزازات الدولية والإقليمية»، مؤكداً أن الحاجة «ملحّة إلى مضاعفة العمل من أجل تحصين هذا المكسب المهم».
وأوضح العثماني أنه في وقت الصعوبات «يظهر نبوغ وحكمة شعبنا لنُبحر رغم الزوابع والقلاقل، وهي موجودة ويعرفها محيطنا»، وذلك في محاولة لطمأنة الرأي العام المغربي بشأن الصعوبات التي يمكن أن تعيشها البلاد، خصوصاً على المستوى الاقتصادي.
وبشأن حصيلة منتصف ولاية حكومته، التي عرضها أمام البرلمان مطلع الأسبوع الجاري، جدد العثماني تأكيد أنها «حصيلة مشرّفة على الرغم من أن السياقات صعبة»، ودعا أعضاء حزبه إلى التعريف بها لدى الرأي العام والمواطنين من خلال عقد لقاءات تواصلية بشأنها، كما اعتبرها «نتيجة عمل جماعي أسهمت فيه أحزاب الغالبية».
وأبرز العثماني أن الحصيلة «نتاج جهد جماعي لأحزاب الغالبية، والجميع أسهم فيها»، معبراً عن تفهمه للانتقادات والمؤاخذات، التي سُجلت عليها من طرف المتابعين. كما ذكر العثماني بمركزية المرجعية الإسلامية التي ينطلق منها حزبه، الذي عدّه وطنياً يشتغل لمصلحة البلاد قبل كل شيء، وقال بهذا الخصوص: «هذا خطنا العام ولا تراجع عنه، ويجب أن نتحلى بنفس الوطنية والإصلاحية، حيث تكون الأولوية لمصلحة الوطن، رغم الضربات التي تلقاها الحزب».


في غضون ذلك، تأسّف العثماني لما سماها «حملات التشويه والتبخيس»، التي تستهدف حزب العدالة والتنمية دون باقي الأحزاب، مؤكداً أن «الحضور السياسي المتميز، ونبل ممارسته السياسية يثير الغيرة لدى البعض والناس الذين يشتغلون بمنطق انتخابي ويستعجلون انتخابات 2021».
وانتقد العثماني خصوم حزبه دون أن يسميهم، بقوله «الذين يفكرون بمنطق انتخابي، ذاك شأنهم، ونحن لا ينبغي أن يكون لنا منطق سياسوي لنحاصر خصومنا، وندعو لخطاب سياسي حضاري ومؤسس، دون السقوط في الإساءة والتهجم ونشر الأكاذيب، ومن دون أن ننساق وراء الشعبوية التي سيخسر فيها الجميع». مضيفاً أن «رفع مستوى الخطاب السياسي مسؤولية جميع الأطراف بما فيها الأحزاب السياسية، وهي مطالبة بمواجهة التبخيس والتيئيس في المشهد السياسي والإعلامي».
كما شدد العثماني على مركزية هيئات الوساطة، ومن أهمها الأحزاب، في القيام بأداء أدوارها في المجتمع وضمان الاستقرار، مشيراً إلى أن قوتها واستقلاليتها دعامة إضافية للسلم الاجتماعي، وأن مستقبل الحياة السياسية «رهين بهذه المسألة، ولا ينبغي أن نحجّمها، بل ينبغي منحها الاستقلالية في اتخاذ قراراتها».
وبدا العثماني مرتاحاً للدينامية والحيوية التي أصبح يستعيدها حزب العدالة والتنمية بشكل تدريجي، خصوصاً بعد الاهتزازات التي عرفها منذ إعفاء عبد الإله بن كيران، أمينه العام السابق من تشكيل الحكومة. وقال بهذا الشأن: «الحمد لله، الحضور مائة في المائة من أعضاء اللجنة المركزية، وهذا دليل على تعافي الحزب وقوته التنظيمية»، مشيداً بالأنشطة المكثفة التي تنظمها هيئات الحزب في الآونة الأخيرة، والتي عدها مؤشراً على تجاوز المرحلة الصعبة، وأكد أن الحزب مستمر على نهجه الإصلاحي ومكافحة الفساد.