فارس بن حزام&&

أهدت إيران السعودية أهم أسباب اختيار مكة المكرمة لعقد قمة خليجية وعربية مصاحبة للقمة الإسلامية. بعد 24 ساعة فقط من الإعلان، أطلق وكيلها في اليمن صاروخاً إلى قبلة المسلمين. وإلى حين انعقادها نهاية الشهر الجاري، سيتصاعد التشويش السياسي والإعلامي من طهران وحليفتيها قطر وتركيا، وصغارها في العراق واليمن ولبنان.


عنوان القمتين الخليجية والعربية صريح: التهديد الإيراني. وعندما دعت السعودية لعقدها في مكة، ظهر فوراً صوت يقول إن المملكة تستغل الحرمين الشريفين في معاركها السياسية، لكن الصاروخ عزز موقفها، وأربك الحليفين والصغار. هل يواصلون التشويش، أم يدينون استهداف أطهر بقاع الله والمعتمرين والمصلين من كل العالم؟

التقدير أن تغيب الإدانة، ويتواصل التشكيك بالقمة، وتخلق المبررات: قصف مقابل قصف. فطوال سنوات الحرب الأربع، حاولت ميليشيات الحوثي استهداف مكة مرتين، ونجح الدفاع الجوي في اسقاط الصاروخين قبل نزولها على أم القرى. لعلنا نتذكر أن قطر دانت إطلاق صاروخ تشرين الأول (أكتوبر) 2016، وتجاهلت الآخر في تموز (يوليو) 2017؛ لأن الأول قبل المقاطعة، والثاني عقبها. ووفق منظورها القاصر، فالخلاف السياسي يبرر كل شيء، حتى المساس بقبلة المصلين على أرضها، من الرويس إلى أبو سمرة.

ومن التشويش المتوقع، المماطلة في المشاركة، إما أن الدعوة لم تصل، أو أنها لم ترسل مباشرة من الدولة المستضيفة. في مثل هذه الحالة يكفي أن ينقلها أمناء المجالس الخليجية والعربية والإسلامية إلى ممثلي الدول في المنظمات، ولا حاجة إلى مبعوث سعودي. والمقاطعة تضر صاحبها، ولا أظنهم فاعلون، فتركيا تبحث عن باب صغير تطل فيه على المملكة، ليس للمصالحة ولكن للتهدئة، وإيران لا تريد أن تجتمع كل الأصوات ضدها، وقطر ستحضر لحشد أصوات مترددة، وإعاقة صيغ البيانات الختامية. أما عن مستوى المشاركة، فلا يهم. والواضح أن قادة الدول الثلاث لن يشاركوا، وكل دولة سترسل ممثلاً على حجم تطلعها لهذه القمم، وفيها ستقول السعودية: هذه مكة، قبلتكم جميعاً، وهذه إيران تريد بها شراً، ونحن في ليلة القدر، في شهر التمحيص، في أطهر بقاع الله، فما قولكم وما أنتم فاعلون؟

للحظة أفكر، أي عقل يقود أصحاب القرار في إيران، في أحلك أيام النظام: استهداف الحرم المكي والنفط، قبلة أكثر من بليون مسلم ووقود العالم كله. أن تقدم الهدايا القيمة إلى خصمك في معاركك المصيرية، هل هي قلة الحيلة؟