&محمد حسن الحربي

&ليس في الحروب ما يمكن أن يحبه الإنسان أو يستحسنه على الإطلاق، بل هي كلها مكروهة أياً كان نوعها أو جيلها، ولا يُتوقع منها شيء غير الخراب والدمار والويلات، بما فيها الحروب التي تفرض فرضاً ولا يجد المرء مناصاً من الدخول المكره فيها.. حتى تلك، يجد المرء نفسه مدفوعاً إلى حسمها بالسرعة الممكنة والخروج منها بأقل الخسائر في صفوفه، وصفوف الطرف المقابل، الذي ربما تتراءى له الحكمة ولو في منتصف المعركة، فيساعدك على تضيق مساحتها ووضع نهاية لها تحقق ولو بعض أهدافها. إن الحرب التي تتحكم اليوم في إطلاق شرارتها فإنك لن تستطيع غداً أن تطفئ سعيرها. إن الكرة اليوم في ملعب إيران وليس غيرها، فعملية اللاحرب واللاتفاوض التي تنتهجها طهران لا يعتقد أنها ستفيدها كما أنها لن تقنع الطرف الآخر الأميركي، أن معادلة كهذه تخدمه، فكلما طالت فترة التحشيد العسكري كانت الحرب أكثر تدميراً وإيلاماً وبالتالي خسائرها ستكون أضخم، وهذا ما لا يقبله طرفا النزاع، فعامل السرعة في الاتصالات الدبلوماسية غالباً ما يقرب الأطراف إلى الحوار أو طاولة المفاوضات، ويبعدهم عن شبح الحرب. وعملية اللاحرب واللاتفاوض التي تمارسها إيران لن تؤدي إلى شيء فربما هي أسابيع إن لم تكن أيام لتصبح هذه المعادلة قديمة، يتجاوزها الزمن ويفقدها صلاحيتها.&

نظرة عامة في الصحافة الأميركية على اختلاف توجهاتها، تؤشر بما لا يدع مجالاً للشك أن الحرب مقبلة إذا ظلت إيران على سلوكها غير الطبيعي، وموقفها المتعنّت من دعم أذرعها المليشياوية في دول المنطقة العربية، وتدخلاتها السياسية في شؤونها الداخلية، وإطلاق التهديدات بين الحين والآخر لهذه الدولة أو تلك، والتلويح بالقوة لإفزاع العالم وإرهابه، وإصرارها على برنامجها النووي وتصنيع صواريخها البالستية، في منطقة تحرص على أن تبقى خالية من أسلحة الدمار الشامل. وإيران تدرك أن السياسات الحكيمة والهادئة وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة متى ما تبنتها أي دولة في العالم، فإن حاجتها إلى مثل هذا السلوك والتسلّح المدمر تنتفي تماماً، بل إن العالم سيحترمها أكثر، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى في التاريخ المعاصر،.

ولكي تكون الدول كبيرة ومحترمة ولها ثقلها الوازن في العالم، ليس بالضرورة أن تكون دولاً عسكرية تبحث عن الأسلحة الفتاكة والمدمرة بدلاً من أن تبحث عن أحدث التقنيات والاختراعات والابتكارات في كافة مجالات الحياة التي تخدم تطور الإنسان، كما وتسهم في نهضتها وتجعلها أكثر تقدماً وازدهاراً وترفع من مكانتها بين الدول. إن الحقيقة التي تعرفها إيران جيداً هي أن دول المنطقة وشعوبها لا تريد الحرب، ولا تعمل على إشعالها لا اليوم ولا غداً، فما دامت هنالك وسائل وطرق لتسوية ما هو مختلف عليه فإن اللجوء إلى الحرب يصبح ضرباً من الحمَق. ثم لنسأل: ما الذي استفادته إيران حتى الآن من مليشياتها في اليمن ولبنان والعراق المهددة كنتيجة لذلك بالفساد والمجاعة والتخلف والأوبئة؟ ما الذي استفاده الشعب الإيراني من ثروته التي أنفق منها في عهد الرئيس باراك أوباما ما يزيد على 100 مليار دولار على المليشيات الخارجية، وأضعافها نهبها المفسدون وذهبت البقية إلى الحرس الثوري وبرامج تصنيع الأسلحة المدمرة والفتاكة؟ هل علينا التذكير بالعبر من حروب الخليج الأولى 1980م، والثانية 1991م، والثالثة 2003م؟ أم أن أحلام الانتصار في الرابعة لهذا العام 2019م ما زالت تداعب جنرالات طهران؟

&

&