نيفين ابولافي

ي نسخة لا تشبه الموسم الاول منه تدور احداث مسلسل «العاصوف» في جزئه الثاني الذي يتناول قضايا المجتمع السعودي سياسيا ودينيا، بعمق اكبر من حيث الطرح والشرح، خصوصا تلك المرتبطة بما يسمى الصحوة الاسلامية من جهة، وتأسيس الجماعات ذات التطرف الديني حتى بلغ الامر في حادثة الحرم المكي عام 1979 والتي حاول عدد من المسلحين انذاك احتلال الحرم في اول طرح لها من خلال عمل درامي تلفزيوني سعودي. هذه المرحلة في «العاصوف» هي العاصوف الحقيقي الذي عصف بفكر كثيرين في المجتمع السعودي انذاك، وغير الكثير من المفاهيم على مستوى البسطاء من عامة الشعب، وكذلك على مستوى السياسة في الدولة، حيث تحول البعض من محافظ معتدل الى حاملاً لافكارا متطرفة في بعض الاحيان، ومتعصبة في احيان اخرى مما غير المشهد العام فكانت رياح التغيير التي غيرت كل سلوك الحياة بين الافراد، والتي كانت تتشابه من خلالها من دول الخليج المحيطة بها، وهذه هي الثيمة الاساسية التي تبناها الفنان ناصر القصبي في اعماله السابقة في محاربة الفكر الديني المتشدد من خلال مسلسل «طاش ما طاش» على سبيل المثال، ليأتي مسلسل «العاصوف» في مواجهة اكثر بوجه هذا التيار، خصوصا في هذه الايام التي تشهد فيها المملكة العربية السعودية تألقا فكريا وفنيا وانفتاحا اكبر في وجه التعصب والتشدد غير المبرر الذي اتى به الغريب الى بلادهم تبعا لما قدم العمل من مشاهد.

تكافل إجتماعي من الناحية الدرامية وعلى صعيد الحدث الاجتماعي، قدم المسلسل صورة للتكافل الاجتماعي بين افراد الاسرة الواحدة في ظل مرحلة الرفاه المادي والانفتاح الاقتصادي والتوسع العمراني، ولم يغفل العلاقات التجارية التي ربطت السعوديين بدول المنطقة، سواء تلك التي كانت من خلال تجارة السجاد ورحلاتهم لايران في زمن حكم الشاه من جهة، وتلك التي ارتبطت بتجارة العقار التي راجت بفعل الزيادة السكانية والتوسع في العمران الحديث، هذا التوسع الذي اثر بعض الشيء في مفهوم ترابط الاسرة بفعل المسافات، على الرغم من اصرار كبار السن على المحافظة عليه والتواصل والتراحم بين افراد الاسرة الواحدة. اما الكويت، فقد وردت في اشارات عديدة في سياق الحدث الدرامي، حيث اعتبرت وجهة للاناقة والتطور الحداثي في السبعينات، وكان السعوديون من ميسوري الحال يقصدونها لتأثيث منازلهم، بعد ان روّجت لها شاشات التلفاز من خلال الاعمال الكويتية التي كانت تعرض انذاك، وكان ذلك من خلال حوار دار بين القصبي وزوجته التي تؤدي دورها الفنانة ريم عبدالله حول هذا الموضوع. تعدد الشخصيات على صعيد الشخصيات الفنية، نشعر عند مشاهدة العمل بعدم وجود الممثل البطل بشكل مطلق في المسلسل، وان كان ناصر القصبي هو العنوان الابرز في طاقمه، وهو من يقود الخيط الاساسي الذي يحرك الحدث هنا وهناك، الا ان المساحة التي يشغلها الفنان عبدالاله السناني لا تقل اهمية عن تلك التي يشغلها القصبي في نمط شخصية مضاد لطبيعة السلوك والاخلاقيات التي يطل من خلالها القصبي على الجمهور في العمل، وهو النمط نفسه الذي بدا عليه في الجزء الاول، حيث استطاع ان يؤثر في المشاهد وان كان دوره غير سوي من حيث علاقته بأخيه لكنه ابدع في تجسيد الشخصية بشكل لافت.

بصمة نسائية الفنانة ريم عبدالله وضعت بصمة مميزة لها من خلال ادائها في المسلسل، حيث جمعت ما بين الحب والحكمة في التعاطي مع حكايا الحياة اليومية ومن خلال علاقتها بزوجها ناصر القصبي، واصبحت عنصر جذب للمشاهد لتتبع الحدث الذي يجمعها مع الاخر في العمل. ريماس منصور، تلك الفنانة التي كانت اكثر جذبا وتألقا مع القصبي من خلال مسلسل «العافور» مع الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، لم تظهر بالألق نفسه في هذا العمل الذي تفردت فيه ليلى السلمان من حيث الاداء والحضور الدرامي على خارطة المسلسل، بينما كانت الفنانة شمعة محمد الاقل حظا بينهم في الحدث الابرز، وان كانت مميزة من حيث الاداء كفنانة. الا ان العمل لم يغفل دور المراة في إدارة شؤون الأسرة وحكمتها في حل مشكلاتها. وقد طال العمل العديد من الاراء حول كثير من المشاهد، بينما كان الفنان عبدالاله السناني في مرمى الانتقاد من بعض المغردين، ليثير حالة من الشد والجذب عبر تويتر استطاع ان يخرج منها منتصرا بدعم من زملائه، بينما اثار مشهد سجنه بسبب بيعه السجاد المغشوش حفيظة البعض عندما استطاع الخروج من الحبس بعد تنازل المشتري، باعتبار ان هذه جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتنازل، الا ان المغردين اثبتوا صحة المشهد في ذلك الزمن، حيث لم يكن هذا القانون صادرا في الحقبة التي تناولها الحدث في العمل. &

&