&أحمد الصراف

&ليس هناك فرد أو جماعة أو فكرة إلا ولها جانب طيب أو فضيلة ما، وحركة الإخوان ليست استثناء، وتتمثل فضيلتها في عجزها التام عن اختيار الشخص المناسب للقضية المناسبة. فقد فشلوا في اختيار رئيس مميز لمصر، والتي تعج بالفعل بالفطاحل، ولكن فضيلة سوء الاختيار تغلبت في النهاية وسلمت مصر من شرورهم. كما أنهم يفشلون دائماً في اختيار من يمثلهم ويدافع عنهم خارج مصر، وإصرارهم على الإبقاء عليهم بالرغم من كل ما لحق بسمعة هؤلاء من لغط.

وهذا لا يعني أن أعضاء هذا الحزب الإرهابي جميعهم من الصنف نفسه، بل هناك بينهم «أذكياء»، ولكن هؤلاء اختاروا البقاء في الظل، وإدارة أموال الحزب، وتحريك السياسيين من وراء الستار. وفي مقال لأحد من تم اختياره للدفاع عن الإخوان، وهو الذي كرر المرة تلو الأخرى تبرؤه والحركة الدستورية من انتمائهم لهم لما اقترفوه من إثم وخيانة بحق وطنهم، انتقد فيه بشكل ناعم ما أقدم عليه الداعية السعودي عايض القرني من اعتذار على تغريره بالشباب ودفعهم على مدى سنوات الصحوة للتضحية بأنفسهم وأموالهم في سبيل تحقيق المتطرف من الأفكار والأفعال. وقام الإخوانجي بإطلاق أوصاف عالية على الداعية، واعتباره من الذين كانت لهم صولات وجولات في مجال الدعوة، ودور كبير في الصحوة، متناسياً أن المرحلة التي يمتدحها من تاريخ القرني هي نفسها التي تبرأ منها الرجل، فكيف يأتي ليمدحه بكونه أحد أبطالها؟

كما أن وصف القرني بالمعتبر وصاحب الجولات لا يتفق مع حقيقة أن الرجل سبق أن أدين في قضايا صدرت بها أحكام نهائية تتعلّق بنسب مؤلفات الغير لنفسه. ففي عام 2002، أصدر القرني كتابه الشهير «لا تحزن» الذي دارت الشبهات في حينه، كون موضوعه منقولاً بكامله من كتاب «دع القلق وابدأ الحياة» للأميركي ديل كارينغي، ولكن ورثة المؤلف لم يكلفوا أنفسهم في حينه مشقة ملاحقته. نجاح المحاولة الأولى ربما شجعه لتكرارها، حيث قام بعدها بسنوات بوضع كتاب بعنوان «لا تيأس»، تبين لاحقاً أنه منقول بكامله من كتاب «معارك اليأس» للكاتبة السعودية سلوى العضيدان التي كسبت حكماً عليه فتم تعويضها بمبلغ 330 ألف ريال. ثم قامت أسرة سورية بمقاضاة القرني أيضاً لسطوه على محتوى كتاب شهير ألفه والدهم بعنوان «صور من حياة الصحابة»، وحكم على القرني بتعويض ورثة المؤلف، ودفع مبلغ 120 ألف ريال سعودي لدار نشر الكتاب.. وكل هذه المعلومات مثبتة وحقيقية. وبالتالي، فإن من مدحوا الداعية القرني كان يجب أن يعرفوا سيرته والأحكام التي صدرت عليه، وما إصرارهم على الإشادة به إلا دليل على سوء اختيارهم كمدافعين عن حركة الإخوان. إن الإصرار على التبرؤ من الانتماء للإخوان، والإصرار في الوقت نفسه على الإشادة بهم، يمثلان قمة الوصولية. فإن كان الإخوان بكل هذه الاستقامة، فلمَ رفض من يمثل إخوان الكويت فكرة الانتماء لهم؟ وإن كانوا مجرّمين، فلمَ الإصرار على الإشادة بهم؟ وكيف يمكن وصف الحركة بأنها نشأت لتعيد الأمل والكرامة إلى الأمة، وهي بكل هذا الفساد المالي والتخلف الفكري والعجز عن تحقيق شيء، بعد تسعة عقود من تأسيسها؟ أحمد الصراف

&