& محمد حسين أبوالحسن

&

أقدم الرئيس التركى أردوغان على خطوة، تنذر بتكريس الفوضى وإغراق ليبيا أكثر فأكثر فى مستنقع الدم، إذ تدفقت الأسلحة التركية الثقيلة والمقاتلون على حلفائه الإخوان المسلمين وميليشياتها، بالعاصمة طرابلس ومصراتة، لوضع يده على دولة تحتل المركز الخامس عالميا فى الاحتياطات النفطية، بناء على اتفاق سرى أو مؤامرة بين (تحالف اللصوص)، تكشفت خيوطها بوضوح هذا الأسبوع، وما خفى كان أعظم!.

&

ظهر السبت الماضي، وصلت40 مدرعة تركية من طراز كيربى وصواريخ ومدافع مضادة للطائرات وذخائر لميناء طرابلس، إلى ميليشيا لواء الصمود الذى يقوده الإرهابى صلاح بادي، فى انتهاك للقرار الأممى بفرض حظر تسليح على ليبيا منذ2011. أيضا نشر موقع «أخبار ليبيا 24» صورا لطائرة مدنية تفرغ شحنة أسلحة بمطار معيتيقة بطرابلس، أرسلتها تركيا دعما لميليشيات طرابلس التى تحارب الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر.

ميدانيا، أكدت صحيفة المرصد الليبية أن خبراء أتراكا يشغلون طائرات بدون طيار- جرى إسقاط إحداها- أمدت بها أنقرة الميليشيات، بعدما تعهد أردوغان باستنفار كل إمكانات بلاده لمساندة حكومة السراج، عقب مطالبة الإخوانى خالد المشرى رئيس ما يسمى المجلس الأعلى للدولة، تركيا بتزويد حكومة الوفاق بالسلاح، ومناشدة الإخوانى محمد مرغم عضو المؤتمر الوطنى المنتهية ولايته أردوغان التدخل عسكريا فى بلاده لمواجهة الجيش الليبي، بينما أشار الخبير الاسترتيجى التركى سمير صالحة، إلى تفعيل بلاده اتفاقية قديمة للتعاون العسكرى مع حكومة الوفاق.

ولم يستبعد الكاتب الليبى الدكتور محمد زبيدة التدخل العسكرى من قبِل تركيا، لافتا إلى أن تلك الاتفاقية العسكرية المجهولة، تهدف لتقنين الدعم العسكرى التركى لحكومة الغرب، أما الباحث الليبى الإخوانى أسامة كعبار فأوضح، لصحيفة ترك برس، أن أنقرة تملك القوة لإعادة التوازن وإجبار بقية الأطراف بالمشهد الليبى على إعادة حساباتها.

فى عام 2014 خسر حزب العدالة والبناء الإخوانى الانتخابات النيابية الليبية، أمام التيار الوطنى والليبرالي، شعرت أنقرة بأن الأمور فى ليبيا تخرج عن سيطرتها، أوعزت إلى حلفائها بالانقلاب على النتائج، فسيطروا على طرابلس بعنف دموي، وانتقل البرلمان المنتخب إلى طبرق شرقا، مؤيدا الجيش الليبى بقيادة حفتر، لتطهير بلد المختار من الإرهاب.

تنفذ تركيا أجندة الهيمنة، على قدم وساق، تستفيد من حكومة السراج المعترف بها دوليا، وتطلق يد الميليشيات لترويع الشعب، وتنهب الأموال والثروات الليبية، عن طريق ذيولها من قادة الميليشيات الإرهابية، كعبدالحكيم بلحاج وخالد الشريف، وحتى صديق الكبير محافظ البنك المركزى الليبي. ومع دحر الجيش الليبى التنظيمات الإرهابية، شرق البلاد وجنوبها، وتقدمه لتطهير العاصمة، سعى أردوغان لإحياء خط الجرذان، وهو خط بحرى جوي، لإنقاذ عملائه الإخوان، بإمدادهم بالعتاد ومقاتلين- تجاوز عددهم 40 ألفا على مدى ست سنوات- اليوم يعاود استخدام الخط لدعم الميليشيات، اعتمادا على كيانات أخطبوطية، أهمها الشركة الاستشارية الدولية للدفاع (سادات)، يستخدمها أردوغان ذراعا عسكرية سرية، يقودها مستشاره العسكرى الجنرال المتقاعد عدنان تنري، وتعتبر صحيفة الزمان التركية (سادات) قوات الحرس الثورى الخفى لحزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2012، وكذلك منظمات غير حكومية، مثل (إمكان دير)، وفقا لمركز ستوكهولم للحرية.

نشر موقع المونيتور الأمريكى تقريرا، بعنوان (أنقرة غارقة لأذنيها فى ليبيا)، بما يكشف عن حجم الورطة التركية، ومن ثم يلقى أردوغان أوراقه الأخيرة، ليبيا فى مهب التدخل العسكرى التركي، لإنعاش القاعدة وداعش، وفرملة الجيش الليبي، وإزعاج دول الجوار لاسيما مصر، بعد شعوره بالمهانة خلال مؤتمر باليرمو، وخشيته من فرض حلول تكون القاهرة وأبوظبى والرياض صاحبة خطوطها العريضة، بالتوازى مع إخفاقه سياسيا فى ملفات الشرق الأوسط.

إن استنجاد الإخوان بتركيا للتدخل العسكرى فى ليبيا يؤذن بزوال مشروعهم، لكن سلوكيات أردوغان التخريبية تضرب بالشرعية الدولية واستقلالية الدول، وتهدد توازن القوى بالمنطقة بما يفضى إلى تآكل ركائزها الجيوسياسية، ولعل العنصر الأهم فى استراتيجية مواجهته هو الحد من لائحة أهدافه والإسراع بتطويقها وتجفيفها، قبل أن نجنى ثماره الشيطانية، دماء وإرهابا واحتلالا لبلد عربى شقيق!.