& حمود أبو طالب

كتبت كثيراً عن الأدوار المشبوهة التي تمارسها الأمم المتحدة عبر مبعوثيها إلى دول النزاعات والصراعات والحروب الأهلية، وبالتحديد كتبت أكثر من مرة عن الدور السيئ الذي قام به مبعوثوها إلى اليمن منذ جمال بن عمر الذي شارك في هندسة اكتساح الحوثيين للأراضي اليمنية وانفرادهم بالسلطة الفعلية، مرورا بإسماعيل ولد الشيخ الذي قام بتمييع الحلول وتجميد تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وصولاً إلى مارتن غريفيث الذي أصبح انحيازه للحوثيين واضحا للعيان وغير مشكوك فيه خصوصاً بعد اتفاق ستوكهولم ومسرحية الانسحاب الأحادي من الحديدة، كل ذلك كانت إرهاصاته واضحة، دون رفض أو حتى احتجاج علني من حكومة الشرعية اليمنية حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، وقد كان آخر مقال كتبته عن هذا الشأن يوم ١٧ مايو بعنوان «المسرحية الأممية في اليمن»، وهي فعلاً مسرحية استفاد منها الحوثيون كثيراً ووقفت الشرعية متفرجة عليها فقط.

أخيراً، وبعد خراب كبير وجه الرئيس عبدربه منصور هادي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد فيها رفضه لاستمرار عمل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ما لم يتم تقديم ضمانات لمراجعة التجاوزات التي ارتكبها وتجنب تكرارها، وقال الرئيس هادي في رسالته: «لا يمكنني القبول باستمرار مبعوثكم الخاص مارتن غريفيث إلا بتوفير الضمانات الكافية من قبلكم شخصيا بما يضمن مراجعة التجاوزات وتجنب تكرارها. وإني أتطلع إلى ردكم قبل الخوض في الخطوة التالية».

واتهمت الحكومة اليمنية المبعوث الدولي بأنه «لم يعد نزيهاً ولا محايداً وأنه خرج عن مهمته وأصبح جزءاً من المشكلة، كونه ينتهج سياسة تطيل أمد الحرب في اليمن».

وللتعليق على ذلك نقول إن الحكومة اليمنية تأخرت كثيراً في اتخاذ هذا الموقف ضد الانحياز الأممي الواضح للحوثيين والتراخي في تنفيذ بنود الاتفاقيات، وهذا التأخير ساهم في خلط الأوراق وتعقيد الأزمة. الحكومة اليمنية تعاني من مشاكل كثيرة أهمها اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. ومن ناحية أخرى لا ندري ماذا يتوقع الرئيس هادي من الأمين العام الذي يشرف على مبعوثيه بشكل مباشر ولا ينفذون أي خطوة إلا بمعرفته. هل يتوقع منه أن يتغير موقف الأمم المتحدة بين يوم وليلة لصالح تنفيذ الحلول الفعلية العادلة التي تنتشل اليمن من مأساته. هذا مستبعد لأنها تريد للأزمة أن تمضي في هذا المسار الذي يجعل من الحوثيين أمراً واقعاً.

أعان الله اليمن على الحوثيين والأمم المتحدة، وأيضا على أخطاء الحكومة الشرعية التي ننتقدها حباً في اليمن وشعبه المنكوب.

&