&خالد الطراح

&أكتب هذه السطور مناجياً روح شقيقي الأكبر يوسف «بونادر»، الذي ودعنا في اول يوم من العشر الأواخر لشهر رمضان،الجمعة 24 مايو 2019، بعد صراع مع المرض وسنوات من النكبات والآلام، جعلتنا نسكب فيها جميعا الدموع. بيد مرتعشة وقلب مكلوم، أحاول شق الطريق أمام القلم ليس لوداعك، فذكراك ستظل مغروسة في الوجدان المكسور والجفون المحروقة. أفتقد اليوم المعلم والأب، الذي حرص على جمعتنا، بعد أن غيَّب الموت والدنا ووالدتنا، سدرة العائلة، في الثمانينيات والتسعينيات. أحاول التغلب على وطأة الحزن، بعون الله تعالى، وقناعة راسخة ان تكون حاضراً أمامي، وان اكون وفيا للذكريات الجميلة وليس اسيرا لها، حتى لو تصدعت نبضات القلب ورفض الزمان أن يكون رحوماً معي. تعلمت منك يا شقيقي الكثير.. تعلمت الصبر وأن أكون أكبر من الأحزان، التي خيمت حولك، منذ فقدان ابنك الأوسط أحمد، في عام 1998 وتلا ذلك وداع أليم للأخت الكبيرة، ام نادر، عام 2001 وفراق نادر في ابريل 2018، رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيح جناته.

أبو نادر، انسان محب للكل.. مؤمن بالقدر المكتوب، ودع الدنيا تاركاً فراغاً كبيراً في نفوس النبلاء من إخوة وأبناء وأحفاد وأصدقاء، الذين كانوا يتدافعون الى ديوان الاسرة في بيته العامر، فبرغم من هول تدهور وضعه الصحي، الذي شل حركته، لم يتوقف عن عناء زيارة ديوان جاره وصديقه الصدوق الاخ الكبير الدكتور سليمان الشطي، حتى آخر يوم سبت من عمره. اعيش اليوم اليُتم مرةً ثالثة، بعد ان فقدت الاب والأم والشقيق الاكبر ابا نادر، والدروب الوعرة قد تكون بانتظاري، ولكن اكرمني العلي القدير ان اسمع كلمة رضا قبل الوفاة بأيام بقول المرحوم الله يكرمك، حين قبلت اليد التي امتدت لي ورافقتني الى الروضة، والروح التي تباهت باحتضاني ابناً وليس الشقيق الاصغر! امواج الماضي، تشدني الى ذكريات عطرة في اعماقي.. تجول اليوم بخاطري، رحلات السفر البرية الى سوريا ولبنان ومصر.

اتذكر جيدا كثيرا من الروايات والنصائح.. وأتذكر ايضا حين عاملني المعلم ابونادر كبقية الطلبة في ثانوية العديلية، حين كان المرحوم ناظراً، فقد كان صارماً معي قبل غيري. ان رحيل كبير العائلة ابي نادر يحمل الكثير من المعاني التي تستدعي التأمل والتوقف عندها، فقد كانت مليئة بالعبر والإيثار. وأستذكر هنا ابياتاً للشاعر المرحوم أحمد العدواني: يا أخي إن مُتُ لا تسكب على قبري دمعة بل خذ الشمعة من كفي وكن في الليل شمعة انني منك قريب كلما ضوّأت بقعة وتركت الليل يهوى قطعة في إثر قطعة أدعو المولى عز وجل ان يغفر للشقيق الاكبر والأب، ابي نادر، ويسكنه الفردوس الاعلى، وان يلهمنا الصبر والسلوان. جزى الله خيراً كل من واسانا بفقيدنا، ابي نادر. خالد أحمد الطراح


&