بدأ الصراع الطاحن داخل حزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي المعارض يأخذ أبعاداً جديدة، بعد سلسلة من القرارات التي اتخذها حكيم بنشماش الأمين العام للحزب، ضد معارضيه، إذ كان مقرراً أمس، أن يبدأ خصوم بنشماش إجراءات الطعن أمام المحاكم في القرارات التي يعتبرونها «غير قانونية».

وقال عبد اللطيف وهبي، أحد المعارضين البارزين لبنشماش، في مؤتمر صحافي في الرباط ليل أول من أمس، برفقة قياديين آخرين، إن قرارات الأمين العام «غير قانونية، وسنطعن فيها أمام المحكمة لأنها وسيلة منحها لنا القانون».

وشدد وهبي على أن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع «ما زال يمارس مهامه، وستعقد اللجنة اجتماعها في 15 يونيو (حزيران) الحالي بمدينة أغادير لمواصلة أشغالها»، مؤكداً أن «لا وجود لمسؤول في حزب يوقف 9 أمانات جهوية من أصل 11. ومعنى ذلك أنه يوقف التنظيم بكامله».

واعتبر وهبي أن قرارات بنشماش معاكسة للدستور الذي يسير في اتجاه الجهوية، وأوضح أن تحركات الغاضبين من تدبير بنشماش لشؤون الحزب تأتي لـ«إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، موضحاً أن الخلاف والصراع «يبقى سياسياً فيه الأخذ والرد، وإذا تركنا الأمر على حاله سيسوء الوضع».

وأضاف وهبي أنه ورفقاه كأعضاء للمجلس الفيدرالي للحزب «راسلنا فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب (برلمان)، من أجل عقد دورة استثنائية للمجلس لتدارس وضعية الحزب بعد التطورات الأخيرة»، من دون أن يستبعد إمكانية إقالة الأمين العام من منصبه، حيث يعد المجلس الوطني أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر.

وأكد وهبي أن معارضي بنشماش منفتحون على «جميع الوساطات، ولكن المشكل هو من يضمن لنا التزام الأمين العام بتنفيذ أي اتفاق»، كما وجه انتقادات حادة لـ«حكماء» الحزب ومبادرتهم، حيث قال: «لم يقترحوا علينا أي حل، ويصدرون فقط بيانات، ويقدمون الدروس في الأخلاق. وإذا كانت لديهم الجرأة فليقترحوا حلاً، ونناقشه ونتفق عليه ونريد الضمانة التي ستجعل الأمين العام يلتزم بتطبيق الاتفاق».

واستدرك وهبي قائلاً: «انفتاحنا على الحل لا يعني التنازل. نحن متمسكون بالحزب ونمتلك الشرعية لأننا نحترم القانون، وإذا أصدر القضاء حكماً ضدنا فسنحترمه»، متهماً بنشماش بالسير في اتجاه انشقاق الحزب بقراراته «المتهورة والمخالفة للقانون».

وزاد القيادي المثير للجدل مهاجماً بنشماش وقراراته، التي كان آخرها تجميد وضعية عزيز بنعزوز رئيساً للفريق البرلماني لحزب «الأصالة والمعاصرة» بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، إذ قال إن «الأمين العام يريد أن يورط المؤسسة الدستورية في الصراع الحزبي السياسي، وهذا أمر خطير. الفريق البرلماني له مكانته في الدستور، ولا يمكن أن نجره للصراع السياسي الحزبي».

ولم يقف وهبي عند هذا الحد، بل ذهب إلى حد توجيه رسالة تحذير للأمين العام السابق للحزب، إلياس العماري، دعاه فيها إلى التزام الحياد وعدم التدخل في الصراع الذي تتصاعد وتيرته.

وقال وهبي: «إلياس العماري يتدخل من خلف الستار، ومكانه الطبيعي هو الذي يوجد فيه الآن، رئاسة جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، وعليه أن يهتم بها، ولن نقبل أن يتدخل بهذا الشكل، ويتصل بالأعضاء ويهدد هذا، ويطلب من ذاك أن يبقى محايداً أو يصدر بياناً»، وأضاف: «عليه أن يقف عند حدوده، فمرحلته انتهت، وأعطت تلك النتيجة والفشل الذريع في انتخابات سنة 2016، وتحملنا فيه المسؤولية السياسية وقبلناه».

وزاد محذراً: «لحد الآن نحن ساكتون. وأطلب من إلياس العماري وأنصحه كصديق أن يبقى بعيداً عن هذا الخلاف، لا أن يوظفه أو يزيد في إذكاء ناره ويضرب طرفاً بالآخر، وإذا استمر في ذلك سأحكي التفاصيل وأنا لا أخشى شيئاً»، وذلك في تهديد صريح من وهبي للعماري بكشف خبايا أخرى.

كما أجمع القياديون المشاركون في المؤتمر الصحافي على أن خلافهم مع بنشماش يتمثل أساساً في طريقة تدبيره شؤون الحزب، واتخاذ القرارات بشكل انفرادي، مشيرين إلى أن كل القرارات والإعفاءات التي طالت معارضي الأمين العام غير قانونية، بما فيها قرار إعفاء أحمد أخشيشن من منصب نائب الأمين العام، على اعتبار أن المجلس الوطني هو الذي نصبه، ولا يحق للأمين العام إعفاءه.

في غضون ذلك، قرر الأمين العام لـ«الأصالة والمعاصرة» إحالة «عزيز بنعزوز على لجنة التحكيم والأخلاقيات، مع تجميد وضعيته كرئيس لفريق الحزب بمجلس المستشارين إلى حين استكمال المسطرة القانونية المنصوص عليها في النظامين الأساسي والداخلي للحزب».

وجاء القرار في اجتماع للمكتب الفيدرالي للحزب استضافته مدينة فاس، أول من أمس، وسط جدل واسع حول قانونيته، حيث قاطعه أكثر من 30 عضواً، وعمدوا إلى مراسلة بنشماش من خلال عون قضائي، أخبروه باعتراضهم على الاجتماع «غير القانوني، وأن قراراته لن تكون ملزمة لمنظمات وهياكل الحزب».

ويرتقب أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من التصعيد والمواقف المتضاربة بين الطرفين في المرحلة الدقيقة التي يعيشها الحزب، قبل الوصول إلى محطة المؤتمر الوطني الرابع للحزب المزمع عقده قبل نهاية السنة الحالية.