راغدة بهنام

تواجه الحكومة الألمانية دعوى قضائية ثانية لرفضها استعادة مقاتلي «داعش» الألمان من العراق. فبعد أيام على تقدم منظمة إيزيدية بدعوى قضائية تتهم برلين بالتقصير في محاكمة مقاتلي «داعش»، رفع أمس محاميان ألمانيان بالنيابة عن موكلهما في العراق، دعوى ثانية ضد الحكومة لرفضها استعادة مقاتلين ألمان من العراق.

وكتب المحاميان في الدعوى التي تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منها، أن موكلهما الذي لم يسمياه، يواجه «عقوبة الإعدام في العراق إذا تمت إدانته». وأشارا إلى إصدار محكمة عراقية قراراً بالإعدام ضد مقاتلين فرنسيين من «داعش» الأسبوع الماضي.

وقال المحامي علي يلدين، أحد المتقدمين بالدعوى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدولة الألمانية مجبرة على حماية المتهمين بالقتال مع (داعش)، وإنها يمكنها محاكمتهم في ألمانيا إذا كانت هناك أدلة كافية». وأضاف: «إذا لم تكن هناك أدلة عليها أن تبرئهم. حكم القانون يمكنه أن يدين فقط في حال وجود أدلة كافية... وعلى أي حال فإن ظروف السجن في ألمانيا أفضل منها في العراق».
وتقول برلين إنها لا يمكنها تسلم مقاتلي «داعش» الألمان من العراق بسبب عدم وجود اتفاقية لتبادل المجرمين مع بغداد. وتقول أيضاً إن سبب عدم تسلمها مقاتلين محتجزين لدى الأكراد هو غياب قنصلية ألمانية في مناطق سيطرة الأكراد. إلا أن السبب الحقيقي يعود لعدم امتلاك الادعاء العام في ألمانيا أدلة كافية لمحاكمة هؤلاء المقاتلين وزوجاتهم. وأصدر الادعاء العام حتى الآن مذكرات توقيف بحق نحو 20 مقاتلاً من «داعش» موجودين في العراق وسوريا، على أن يتم اعتقالهم فور عودتهم.
ويعتقد أن ما يقارب الـ60 مقاتلاً ألمانياً انضموا إلى صفوف «داعش» في العراق وسوريا. وإضافة إلى هؤلاء، يقبع عشرات النساء والأطفال حاملي الجنسية الألمانية في مخيمات الأكراد ولدى السلطات العراقية. وكتبت صحف ألمانية قبل بضعة أسابيع أن عناصر من المخابرات الألمانية توجهت إلى مخيم الباغوز الكردي لتقييم مدى الخطر الذي يشكّله المقاتلون الألمان وإمكانية استعادتهم.
وفي وقت ترفض برلين استعادة المقاتلين وعائلاتهم، استعادت سراً عدداً من الزوجات الألمانيات وأطفالهن. وأحالت قبل أشهر قليلة امرأة ألمانية إلى المحاكمة فور استعادتها مع أطفالها الثلاث، إلا أن المحكمة لم تتمكن من توجيه تهم تتعلق بالإرهاب إليها، بل وجهت إليها تهم خطف أطفالها من والدهم الذي بقي في ألمانيا بعد أن هربت هي معهم إلى سوريا.

وأشار المحامي يلدين إلى أن ألمانيا جلبت في السابق «أشخاصاً من مخيمات الأكراد في سوريا»، مضيفاً أن عدم وجود اتفاقية تبادل مع العراق هي مجرد حجة تستخدمها الحكومة. ويلدين من بين المحامين الذين يدافعون عن إحدى زوجات مقاتلي «داعش» التي تخضع للمحاكمة في ألمانيا، وتدعى جنيفر، لتسببها بقتل فتاة عراقية إيزيدية عطشاً.
وتواجه جنيفر (27 عاماً) تهمة التواطؤ لقتل فتاة لا يزيد عمرها على 5 سنوات، عندما كانت مع زوجها في العراق. وحسب الادّعاء العام، فإن جنيفر سمحت لزوجها المقاتل في «داعش»، بتقييد الفتاة في الخارج في درجة حرارة تزيد على 45 درجة مئوية، لساعات من دون السماح لها بشرب المياه، ما تسبب بوفاتها. وبدأت محاكمة جنيفر في ميونيخ في أبريل (نيسان) الماضي، وتواجه عقوبة السجن مدى الحياة في حال تمت إدانتها بالتهم الموجهة إليها، من بينها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.