أحمد عبدالتواب&

صنع أردوغان أزمته الجديدة بنفسه، وكعادته فقد اندفع ولم يحسب الأمر جيداً، عندما بادر بالتوجه إلى روسيا لشراء الصواريخ المتطورة إس 400، وقد استهواه أن يُظهِر لجماهيره وللعالم أنه قادر على إعلان الاحتجاج على سياسة أمريكا التى قال إنها لا تفى بكل طلباته فى التسليح، ولا بالسرعة التى يريدها، وخاصة فى التسويف فى صفقة جديدة من طائرات إف 35.

&وفى الوقت الذى وجد ترحيباً روسياً فورياً، للمكاسب المادية من بيع الصواريخ، والأهم بأن تخترق روسيا صفوف حلف الأطلنطى، فقد أعلنت أمريكا رفضها التام التعاون العسكرى مع روسيا، بحجة أن محاولة أى دولة من حلفائها أن تزاوج السلاح الأمريكى بالسلاح الروسى يعنى التسهيل على روسيا فى التجسس على السلاح الأمريكى.

وأما ما لم يُعلَن رسمياً فهو أن ترامب لا يقبل أن تصير صورته فى العالم كمن يتهاون مع من يتحداه بهذا السفور! فأنذرت أمريكا أردوغان رسمياً أكثر من مرة، ثم، وفى تصعيد للإجراءات ضده، اتخذ البنتاجون يوم الجمعة الماضى قراراً بخصوص الطيارين الأتراك الذين يتدربون فى أمريكا، وسواء كان القرار بوقف التدريب بالكامل، كما جاء بالخبر فى طبعته الأولى، أو كان مجرد الاكتفاء بوقف المتدربين مستقبلاً، كما قيل بعدها، فإن المعنى الجوهرى، فى كل الأحوال، النزول بمستوى التعاون بين البلدين، إضافة إلى المؤشر المهم بأن أمريكا بدأت فى اتخاذ خطوات تعبر بها عن رفضها هذا التعاون مع الروس، مع احتمال قائم بالتصعيد، خاصة أن قانون كاتسا الأمريكى يفرض عقوبات اقتصادية على كل كيان أو بلد يوقع عقود تسليح مع شركات روسية. وبالتوازى مع هذه التطورات، صدر إعلان روسى بأن جدول تسليم الصواريخ لم يتغير، وأنه سيبدأ فى أغسطس القادم.

وهكذا صارت اختيارات أردوغان شحيحة، وكلها محفوفة بالمخاطر، لأن الاستمرار فى الصفقة مع روسيا، يعنى قبوله تصعيد ترامب المتهور الصاخب، الذى يصعب توقع توجهه ومداه. وأما تعطيله الصفقة مع روسيا، وحيث بوتين المتأنى الهادئ، فيمكن أن يبدأ بضربة اقتصادية قوية بوقف السياحة الروسية.

&