& &أمين ساعاتي

&

بعد الاجتماع المهم الذي عقده مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في رحاب البيت العتيق في العشر الأخيرة من رمضان المبارك 1440، يبدو أن منطقة مكة المكرمة مقبلة في عام 2030 على استقبال 35 مليون معتمر وزائر.
لقد اتخذ المجلس قرارات على جانب كبير من الأهمية، منها أنه وافق على تفاصيل الخطة الاستراتيجية لمدينة مكة المكرمة ومكوناتها من البرامج والمبادرات وخطط العمل والشراكات، واعتمد المجلس إنشاء شركة المشاعر المقدسة للتنمية والتطوير، وستقوم الشركة بدور المطور الرئيس والمعني بتهيئة

ورفع الطاقة الاستيعابية حتى تستوعب مكة المكرمة والمشاعر المقدسة عددا يربو على 35 مليون نسمة.
إذن المشروع ليس مجرد رقم والسلام، لكنه مشروع يتضمن برنامجا سياحيا تتخلله واجبات دينية واجبة الأداء، وزيارة مناطق تاريخية على درجة كبيرة من الأهمية، منها ما هو في داخل بطاح مكة المكرمة، ومنها ما هو في خارج منطقة مكة المكرمة، ولا سيما أن الهيئة العامة للسياحة نفذت مجموعة من المشاريع أعادت من خلالها اكتشاف الحضارات القديمة في منطقة الجزيرة العربية، وأصبحت هذه الأماكن التراثية والتاريخية هدفا للزوار، بل استطاعت الهيئة أن تضم أربع مناطق سعودية إلى قائمة التراث العالمي المعترف بها من قبل المنظمة العالمية "اليونسكو".
ونعرف جميعا أن "الرؤية" تستهدف الوصول إلى 30 أو 35 مليون معتمر وزائر بحلول عام 2030، ويبدو أن الوصول إلى هذا الرقم لم يعد من الأمور العسيرة طالما أن أولي الحزم عقدوا العزم.
أؤكد أن الوصول إلى هذا الرقم ليس عسيرا، بل ممكنا جدا في ضوء مشاريعنا التراثية والسياحية التي بدأ العمل فيها منذ عام 2016، وسيجني الاقتصاد الوطني الفائدة قريبا، حيث إن الاقتصاديين يقدرون أن إيرادات الدولة ستستفيد نحو 5000 ريال في المتوسط من كل زائر عمرة، وإذا تحقق ذلك، فإن

إيرادات العمرة ستصل إلى نحو 200 مليار ريال تقريبا قابلة للزيادة السنوية المستمرة.
في الشهور القليلة الماضية لاحظ المواطنون والزوار النجاح الكبير الذي حققته منطقة العلا في مطلع عام 2019 وهي تستقبل الزوار والسياح بعدد من الحفلات والمناسبات الترفيهية التي لفتت الأنظار وأشاد بها كثير من المواطنين والمقيمين والزوار.
وما نود أن نضيفه أن يتضمن مشروع منطقة مكة المكرمة زيارات واسعة لكل أرجاء المملكة مهد الحضارات العربية القديمة ومأرز ديننا الإسلامي الخالد.
الأكثر من هذا أن الاقتصاد السعودي سيستفيد من زيارة هؤلاء الضيوف لشواطئنا المطلة على البحر الأحمر والخليج العربي، وزيارة المرتفعات الخلابة التي حولتها الدولة إلى مناطق جاذبة للسياح والزوار.
إن توظيف كل مواردنا التراثية والسياحية كفيل بتحقيق أعلى المعدلات من إيرادات السياحة التي أصبحت في مقدمة الموارد الواعدة وستغير هيكل الاقتصاد الوطني.
وما نود أن نسلط الضوء عليه، أن اقتصادات الحج والعمرة في أمس الحاجة إلى إعادة دراسة حتى نستفيد من كل المزايا التي يمكن أن يحصل عليها اقتصادنا الوطني، ونذكر - على سبيل المثال - أن الطاقة الاستيعابية لإسكان المعتمرين والزوار في حاجة إلى إعادة دراسة وتقنين حتى لا نتعرض لأزمة عدم

كفاية السكن للزوار والمعتمرين، وليست فقط زيادة القدرة الاستيعابية للسكن التي تحتاج إلى إعادة نظر، بل إننا في أمس الحاجة إلى "مأسسة" كثير من الخدمات، فهؤلاء الزوار والمعتمرون إذا اتسعت أمامهم فرص زيارة المناطق الأثرية والتاريخية بعد زيارة الأراضي المقدسة، فإنهم في وجهتهم إلى زيارة المناطق التاريخية في حاجة أكثر إلى مؤسسات متخصصة تقوم بخدمتهم وترتيب تنقلاتهم بين المدن وتسهيل زياراتهم إلى المواقع التاريخية، بل يجب أن ندرس إمكانات بناء مزيد من الفنادق بمختلف درجاتها في شتى المدن مع تطوير خدمات الإيواء والاستيعاب.
الواقع أن هذه المشاريع لا نحتاج إليها فقط من أجل مواجهة احتمال زيادة أعداد الزوار والمعتمرين، بل نحتاج إليها أيضا عند الانتهاء من مشروع البحر الأحمر، والانتهاء من إنشاء مدينة المستقبل "نيوم"، ونؤكد أن هذه المشاريع العملاقة مرتبطة جميعها باستراتيجيات السياحة الوطنية التي تخطط للمنافسة على تحقيق معدلات عالية على المستويين الإقليمي والدولي، كذلك فإن إقرار مشروع "القدية" الذي يعد أكبر مدينة ترفيهية ورياضية وثقافية في العالم، وكذلك تنفيذ مشروع السيكس فلاجز الترفيهي من المشاريع الواعدة، وستحقق بنجاح مبدأ تنويع مصادر الدخل، ودون شك أن أهم الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها من خلال هذه المشاريع العملاقة، دعم الاقتصاد الوطني عن طريق تنويع مصادر الدخل ورفع الناتج المحلي الإجمالي. أؤكد مرة أخرى، أن برنامج التحول الوطني أعطى دعما قويا للسياحة، وأن أهم ما أنجزه برنامج التحول الوطني 2020، أنه جعل القطاع السياحي أكثر سهولة وقبولا من السابق، حيث لعب هذا البرنامج دورا مهما في تغيير المفاهيم وتهيئة المجتمع للانتقال من الموقف السلبي المعارض للآثار والسياحة إلى القبول التام بها، بعد أن لمس النتائج الإيجابية الكبيرة التي حققها هذا القطاع باعتباره رافدا مهما للاقتصاد والدخل الوطني، ولا سيما أن هذا القطاع يقدم في كل يوم مزيدا من

الفرص الواعدة التي تحتاج إلى مزيد من الجهود لضمان حسن الاستغلال والاستثمار.
واضح مما سبق أن مشاريع منطقة مكة المكرمة ستلتحم مع مجموعة من المشاريع الوطنية العملاقة ذات الفائدة الكبرى لكل أوجه الحياة في مملكتنا الخيرة "المملكة العربية السعودية".