&أسامة سرايا

&اللعبة فى الشرق الأوسط متعددة، ومتشابكة الأطراف.. وهى لعبة مخيفة، لأن معظم أطرافها ليسوا عقلاء بما يكفى، أو يمكن حساب تصرفاتهم بدقة، كما يحدث مع اللاعبين الكبار..

&فبكل صراحة يمكن قياس العلاقات الأمريكية والصينية والروسية واليابانية والأوروبية، كيف ستنتهى، وما التعاملات التى تحكمها؟ وما أبعاد كل لعبة على حدة، بما يمكن من الوصول بالحسابات القياسية إلى نقطة الصفرية..وهى بداية الصراع الساخن، ومتى ينتهى التفاوض والدبلوماسية المباشرة وغيرها، ومتى تبدأ الحرب الباردة، أو العقوبات السياسية، والاقتصادية، أو التجارية، أو الصفقات المشبوهة وغيرها.. وهكذا، بالرغم من وجود الرئيس ترامب فى المسرح الأمريكى، وهو شخصية متفردة، ولا يعنى تميزها، فهو له طرقه المختلفة فى التعبير والقرار، باعتباره لم يكن سياسيا محترفا ومختلفا فى اللعب، ويميل إلى الصفقات الحادة، وهو صعب المراس، وليس له لغة دقيقة، يمكن قراءتها فى المدى الزمنى المتوسط، ولا يمكن قياسه بسهولة، وإن كان هناك الآن الكثير من المؤسسات، أو الأفراد من المراكز البحثية، ويمكن قياسه ومعرفة النقاط الحساسة التى تحرك قراراته السياسية، خاصة بعد أن استطاعت المؤسسات الأمريكية الأخرى، تلجيم الكثير من شطحاته المبكرة، وأفقدها الكثير من أضرارها المتوقعة على المستقبل الأمريكى، وعلى السياسات العالمية المتبعة، منذ أن أصبحت أمريكا الرقم الأول فى السياسة العالمية.

ترامب، رغم قدرته، لم يعد اللاعب الوحيد أو القوى فى السياسة الأمريكية، رغم أنه يقف إلى جواره بولتون، وهو الشخصية الأكثر إثارة بل الأخطر على المسرح، خاصة فى الشرق الأوسط لأنه يلعب الآن مع إيران أو ضدها، ومعه الكثير من الأوراق التى تدفع إلى الحرب التى يريدها، ولأن إيران ليست بالحكمة والقدرة على قياس السياسة الأمريكية الراهنة، بنفس القدرة على ملكتها خلال السنوات الأربعين الماضية، ومكنتها من أن تكون لاعبا رئيسيا، تتحكم بالكثير من الأوراق، خاصة أنها تلعب مثل لاعب متهور، ويستطيع قياس قدرة إيران العسكرية بدقة كبيرة، مع نظام حكم إيرانى يتسم بالغرور، وأنه لا يهتم بشعبه أو بمستقبل الإنسان الإيرانى، بقدر اهتمامه بطموحات، ونفوذ إقليمى ودولى، ولا يحترم الشعوب الإيرانية، ولكن يأخذها معه إلى حيث يريد، بطموحاته التى يطمع أن يحقق الملالى من المصالح السياسية والعسكرية والنفوذ، سواء على المسرحيين الآسيوى أو الشرق العربى، حتى لو كان على حساب المستقبل الإيرانى.. وحقوق الشعوب، فهو نظام ديكتاتورى دينى تسلطى فاشيستى، لا يعطى اعتبارا كبيرا لأى حقوق إنسانى فى إيران، أو فى المنطقة العربية ككل.. نحن أمام شخصيتين متضادتين، لا تفكران فى مصالح الشعوب، أو المنطقة.. الاندفاع إلى حرب ساخنة فى الشرق ستكون على يد الإيرانيين أو الملالى، إذا لم ينتبهوا إلى الحساب الدقيق الذى التزموا به فى السنوات الأربعين الماضية، وكل التطورات تشير إلى أن أوضاعهم قد تدفعهم إلى استمرار المغامرات الخارجية على المسرح الخليجى، أو المسرح العالمى ككل.. والثمن هنا مخيف على مستقبل المنطقة ككل، وما أريد أن أنبههم إليه أن الأمريكيين، أو متخذى القرار، يرون فى الحرب فرصة جديدة، لإعادة تأكيد وجودهم، وقوتهم فى آسيا، وليس فى الشرق الأوسط فقط، وقد تكون الحرب القادمة على إيران فى الشكل، ولكن فى المضمون هى رسالة أخرى للكثير من الآسيويين، و(غيرهم حتى الروس والصينيين واليابانيين). كتبت كل هذه الملاحظات، وعينى على الخليج، خاصة بعد مرور عامين على مقاطعة (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) لقطر.. وأرى أن قطر مازالت تلهو بالعلاقات، ومصممة على الخروج من نطاق الدولة، والتعامل بعقلية الجماعة الإخوانية التى لا تراعى أى مصالح دولية، أو إقليمية، وهو ما سيسبب أضرارا جسيمة للدولة القطرية المستقبلية، وللخليج ككل، وعلى المنطقة أن تدير معها صراعا، ليس لتغيير نظام حكمها، أو أوضاعها الداخلية، ولكن للتنبيه لمخاطر سياساتها الإقليمية والعالمية، وتأثيرها على مستقبل المنطقة، وأن تعود كسياسة دولة، وليس جماعة دينية..

قطر مازالت لا تعى ذلك، بل إن زمام القيادة لم يعد معروفا فى يد من؟ هل الحاكم هو الأب، الحاكم السابق؟ أم الأمير الشاب الذى فقد كل الأوراق التى تحت يده؟ أم أن زمام القيادة أصبح فى يد الجماعات الخارجية بالكامل.. قطر أصبحت بالنسبة للمنطقة العربية، أو الخليج، أكثر ضررا من ذى قبل، رغم أن كل الحسابات تقول إنها تنحصر فى الداخل، ولكن خطورتها تشير إلى أنها، وقرارها السياسى الداخلى، غير معروف من يتخذه، بما يشكل بالنسبة للخليج حالة صعبة، وبالنسبة لأمريكا أو غيرها من القوى الكبرى، فإن القرار القطرى غير ذى أهمية، فهى دولة محتلة بالكامل، ومن الممكن تجاوز الإدارة القطرية التى لا تملك شيئا فى قطر، وفرطت فى كل ما كانت تملكه، سواء لصالح الإيرانيين أو لصالح الأتراك. المنطقة العربية على صعيد ساخن، كل شىء فيها مخيف، لم تستقر ليبيا، والصراع داخلها محتدم (لم تستقر سوريا ،والحرب الإقليمية بل الدولية، وكذلك اليمن والعراق ولبنان)، والحروب بالوكالة مشتعلة، والقاعدة أو الدواعش مخترقة الكل، وعلى الجانب الآخر أحزاب الله، وميليشيات إيران، تخترق كل البلاد العربية، على الجانبين حروب دول، وحروب جماعات دينية، وحروب طوائف مختلفة، وممتدة ومتنوعة.. وإذا انتقلنا إلى حالة صراع أو حرب شاملة، فكل التوقعات تؤكد أن بلادنا كلها دخلت مرحلة جديدة مخيفة من الحروب الإرهابية، وستكون أكثر صعوبة، وأشد إيلاما على كل أهل المنطقة، عربا، سنة، وشيعة، وطوائف أخرى..والشرق العربى ككل..