طوني فرنسيس&

بانعقاد "قمة العشرين" في مدينة أوساكا اليابانية، يكتمل المشهد العالمي المحيط بالصراع الأميركي – الإيراني، وربما تتبلور صورة احتمالاته المقبلة.


وتعتبر "مجموعة العشرين" منذ قيامها في عام 1999، منتدى رئيساً على المستوى العالمي هدفه تعزيز التعاون في القضايا الاقتصادية والمالية، وهي تجمع 19 دولة إضافة الى الاتحاد الاوروبي، وهي: الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والارجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية وتركيا وبريطانيا. وتضم هذه الدول نحو ثلثي سكان العالم وتمثل أكثر من 80 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي و75 في المئة من التجارة العالمية.

من البديهي أن ينتظر العالم نتائج متميزة لاجتماعات هذه المجموعة، فهي، على رغم تباين أحجام الدول المنضوية فيها وتعدد توجهاتها واهتماماتها، تلتقي حول مسائل أساسية مثارة عالمياً، كما أنها شبه ثابتة في جدول أعمالها ومنها (كما يرد في برنامج أوساكا): الاقتصاد العالمي، التجارة والاستثمار، الابتكار، البيئة والطاقة، التوظيف، وتمكين المرأة، والتنمية والصحة. غير أن هذه البنود "التقليدية" على أهميتها بالنسبة إلى التعاون والتنمية الدوليين، ستجد نفسها محاصرة بعدد من البنود الطارئة والملحة التي ستجعل من قمة المدينة اليابانية قمماً متعددة وفق جدول أعمال مواز.

الخلاف التجاري الصيني - الأميركي سيكون حاضراً بقوة، واستعد البلدان جيداً للقاء قد تنتج عنه هدنة. صحيح أن تدابير إدارة ترامب استهدفت الصادرات الصينية بما فيها التكنولوجية، لكن الصين ستكون جاهزة عبر مبادرة قيادتها المسماة "الحزام والطريق" التي تطرح تعاوناً دولياً متعدد الأطراف، وعبر سلسلة لقاءات أجراها الرئيس شي جينبينغ، بدءاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مروراً برئيسي كوريا الشمالية والجنوبية ومجموعة الـ "بريكس"، وصولاً إلى تعويله على دعم اليابان التي تمثل إلى جانب الصين ثاني وثالث اقتصاد على الصعيد العالمي.

وإذا كانت القضية هذه قابلة للأخذ والرد والتفاوض، فإن قضية أميركا - إيران لا تبدو كذلك، إذ ليس مطروحاً أن تتراجع الولايات المتحدة عن مطلبيها: منع امتلاك إيران السلاح النووي ووقف تمويلها الإرهاب وتنظيماته، كما أنه ليس وارداً أن تقبل إيران التفاوض مع أميركا في ظل العقوبات والحصار. لقد باتت المسألة عالمية بامتياز، والرئيس ترامب يريد من العالم وقواه الكبرى المستوردة للنفط أن تحمي واراداتها من الخليج العربي، كما انه يضغط لوقف التدخلات الإيرانية في المنطقة خصوصاً في سورية والبحرين والعراق، ومنع طهران من مواصلة تمويل "حزب الله" في لبنان... استعد ترامب لـ "قمة أوساكا"، وفي السياق، جاءت القمة الأمنية الروسية - الأميركية - الإسرائيلية وجولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة. وسيكون اللقاء في اليابان بين ترامب وبوتين معبراً جداً في هذا المناخ، وربما لهذا السبب استبقه ترامب بالقول إنه لن يتحدث عنه، بمعنى أنه سيبقي مداولاته سرية!

علينا أن ننتظر ما بعد أوساكا على جبهات عدة، قد تكون أبرزها جبهات منطقة الشرق الأوسط، وفي ذلك قد يتساوى حدث حرب تموز 2006 الذي صادف "قمة بيتربورغ" مع حدث مماثل وعلى نطاق أوسع، يواكب "قمة أوساكا" أو يليها.