&&زياد آل الشيخ

&في تمرين هندسة التغيير الذي تحدثت عنه سابقاً تبين وجود عناصر محتملة لمقاومة التغيير تغذيها الدعاية السلبية خارجياً. وكما في منافسات الرياضة، تتنافس الدول نحو التنمية والتقدم بينها، إلا أن بعض الدول تلجأ إلى وسائل عدائية للتأثير على المنافسة والتعمية على النتائج، كما أنها تلجأ إلى نشر الشعور بالسلبية بنشر الشائعات وترسيخ الصور النمطية السلبية، ومنذ وعينا بهذه الأساليب نلحظ أن الأساليب نفسها واللاعبين يتغيرون.

فمن أجل مواجهة الدعاية السلبية الهادفة إلى تعطيل حركة التغيير لابد من التحرك في محورين أحدهما دفاعي والآخر هجومي، المحور الأول هو معالجة الدعاية السلبية بما يناقضها على الواقع، من أهم وسائل تحقيق هذا الهدف تقديم قصص النجاح والفشل في أي مبادرة أو برنامج حتى يتبين الفرق بين ما تصوره الدعاية السلبية وما هو على الواقع. ومن أجل ذلك لابد من تغذية الإعلام وشبكات التواصل بالمعلومات الصحيحة عند توفرها حتى تكون صورة الواقع أكثر وضوحاً ورسوخاً، بحيث لا تجد الدعاية السلبية أرضاً تقف عليها. المحور الآخر هو الوصول إلى الأغلبية الصامتة الذين يتلقون هذه الدعاية السلبية سواء في الداخل أو الخارج، ومن أهم وسائل هذا المحور ترسيخ صورة نمطية جديدة باستخدام القوى الناعمة.

في رأيي أن قصوراً يعتري المحور الأول ويتطلب جهداً منظماً لتحقيقه، كما أن تقدماً نوعياً بدأ يتحقق في محور القوى الناعمة. فعلى قائمة المؤسسات التي تعمل في محور القوى الناعمة وزارة الثقافة، وإن تأخرت المملكة في التحرك نحو ترسيخ مكانتها الثقافية، إلا أننا اليوم نمتلك مؤسسة شابة تعد بالكثير.

المؤسسة الأخرى هي هيئة الترفيه، حيث أصبح الترفيه من وسائل التأثير الكبرى في العالم باعتباره وسيلة للجذب السياحي. إن التحرك في محور الثقافة والترفيه يفيد بتقديم صورة معاكسة لأي صورة سلبية تصل للآخرين، فقد كانت زيارة واحدة للرياض من أحد أعضاء فريق تمرين هندسة التغيير كفيلة بعكس صورة إيجابية عن المجتمع السعودي وعاداته، مثيرة في نفسه تساؤلات عن دوافع الدعاية السلبية التي تبث ضد المملكة.

إن من أهمية الثقافة ترسيخ الهوية وتنميتها بالإبداع، كما أن من دور الترفيه التعريف بها. لمواجهة خطر تشويه صورتنا في أذهان العالم، لابد أن يرى العالم قيمنا بنفسه دون أن يتلقاها من أفواه الآخرين، فصورة المملكة في العالم بنيت على عدد من العناصر التي جعلت لها مكانة مرموقة تستحقها دولياً، إلا أن ما يجب الاهتمام به اليوم ليس مكانة المملكة السياسية والاقتصادية فحسب، بل صورتها عند الشعوب الأخرى في زمن أصبحت هذه الصورة عرضة للعبث والتشويه من أطراف عملت على ذلك بمعزل. أما في عصرنا اليوم، فقد أصبح الوصول إلى شعوب العالم أسهل مما مضى، كما أصبح التأثير فيهم أكثر أهمية.