وافق بنك التسويات الدولية أمس على إنشاء مركز ابتكار ستعمل من خلاله البنوك المركزية العالمية معا على نحو أوثق في ظل التغيرات السريعة في التكنولوجيا المالية وتوجه شركات مثل "فيسبوك" صوب العمل المالي.
وبحسب "رويترز"، أوضح بنك التسويات أن الهدف من مركز الابتكار، الذي ستكون له مقار في بازل وهونج كونج وسنغافورة، هو تحسين أداء النظام المالي العالمي ومعرفة وتطوير الرؤى السائدة في مجال التكنولوجيا التي تؤثر في عمل البنوك المركزية.
ولم يذكر بيان البنك خطة "فيسبوك" لدخول مجال المدفوعات وإطلاق عملتها المشفرة "ليبرا"، لكن تحرك عملاق التواصل الاجتماعي أسهم في بلورة رأي بين مسؤولي البنوك المركزية بالحاجة الملحة إلى استجابات تنظيمية منسقة لاتجاهات التكنولوجيا المالية.

وقال ينس فايدمان رئيس مجلس إدارة بنك التسويات الدولية في بيان عقب اتخاذ قرار إنشاء المركز خلال اجتماع لمجلس البنك "ثورة تكنولوجيا المعلومات لا تعرف الحدود وبالتالي تتداعى آثارها في مواقع متعددة على نحو متزامن".
وأضاف أن المركز سيساعد البنوك المركزية في "التعرف على الاتجاهات العامة ذات الصلة في مجال التكنولوجيا، وعلى دعم هذه التطورات متى اتسق ذلك مع تفويضها، وتحديث المتطلبات التنظيمية بما يتناسب مع هدف حماية الاستقرار المالي".
وحث رئيس بنك التسويات الدولية أوجستين كارستنز البنوك المركزية الكبرى في العالم على توفير ذخيرتها لتباطؤات اقتصادية أشد حدة بدلا من استنزافها سعيا وراء زيادة النمو.
وفي معرض تقديمه للتقرير السنوي للبنك الذي مقره سويسرا، ويعرف بالبنك المركزي للبنوك المركزية العالمية، أبلغ كارستنز الصحافيين أن أي تيسير نقدي ينبغي أن يدرس بعناية مع الاقتصاد في تطبيقه.
وقال "نشدد على أهمية الإبقاء على مجال للمناورة لمواجهة تباطؤات أكثر حدة".

وتأتي تلك الرسالة قبل أسابيع من التأكيد المتوقع من مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" على تحول كامل في السياسة النقدية العالمية وخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية قبل عشر سنوات.
وأشار كارستنز إلى أنه في حين تضغط التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على المعنويات الاقتصادية هذا العام، فقد استعادت دول متقدمة عديدة معدلات النمو الممكنة أو تجاوزتها. ولم يعد التضخم بعيدا عن النطاقات المستهدفة.
وتابع "السياسة النقدية ينبغي أن ينظر إليها كعامل مساند وليس كرأس حربة في استراتيجية لتحفيز نمو أعلى مستدام"، محذرا من أن الاستخدام المستدام قلص من تأثير سياسات مثل أسعار الفائدة السلبية أو التيسير الكمي.
وقال كارستنز "ما قدر التحفيز الإضافي الذي ستحصل عليه بخفض الفائدة 25 نقطة أساس أخرى؟ الغلة ستتناقص جراء ذلك".
وسبق أن دعا بنك التسويات الدولية، وهو بمنزلة مظلة للبنوك المركزية في العالم، الساسة إلى فحص تغلغل شركات التكنولوجيا العملاقة إلى القطاع المالي عن كثب، وهو ما يثير قضايا مثل خصوصية البيانات والمنافسة والأسواق والصيرفة.
وما زالت التفاصيل المتعلقة بالمركز الجديد محدودة، وذكر بنك التسويات أنه لا يستطيع ذكر تفاصيل تتعلق بمستويات الاستثمار أو التوظيف.

وأبدى البنك الوطني السويسري وسلطة هونج كونج النقدية وسلطة سنغافورة النقدية دعمهم للمبادرة.
ويرى توماس جوردان رئيس البنك الوطني السويسري أن البنك المركزي سيعزز جهوده لفحص التقنيات المالية الجديدة، مشيرا إلى أن "البنك الوطني السويسري يتابع بالفعل عن كثب الابتكارات التكنولوجية في المجال المالي، ويعمل بدأب في إطار مجتمع البنوك المركزي للتعرف مبكرا على التطورات ذات الصلة وتقييمها".