عبدالمحسن الداود

&الحقائق التي أسفرت عنها قمة العشرين الأخيرة توضح بكل جلاء أن المحاولات اليائسة، والدعوات المغرضة، والتقارير المغلوطة التي تستهدف قيادة المملكة واقتصادها ووحدتها، والتشكيك من بعض المحسوبين على دول بعينها لم تفلح في التقليل من مكانة المملكة، أو تقدير قيادتها الشابة المتمثلة في سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان..

لم يكن الاهتمام الذي حظي به صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في قمة العشرين الأخيرة التي عقدت في أوساكا باليابان وليد الصدفة، أو وليد ظروف سياسية أو اقتصادية خاصة، وإنما يعود للأهمية التي توليها الدول الكبرى للمملكة العربية السعودية كدولة يشكل اقتصادها ثالث أكبر قوة اقتصادية عالمية. ويضاف إلى ذلك التقدير والاحترام اللذان تحظى بهما قيادة المملكة الشابة والمتمثلة في سمو ولي العهد، والتي استطاعت مواجهة التحديات الإقليمية والدولية بكل ثبات وثقة، وتمكنت من السير بهذه البلاد نحو الرقي والتقدم، وتحقيق إصلاحات جذرية في جميع المجالات التنظيمية والإدارية، بل إن هذه الإصلاحات تضمنت إعادة هيكلة لمعظم القطاعات الحكومية تحقيقاً لزيادة فاعليتها في تحقيق رؤية المملكة المستقبلية 2030. ويزيد من هذا التقدير والاحترام للمملكة، وتقدير مكانتها كقوة اقتصادية عالمية مرموقة موافقة زعماء الدول الكبرى العشرين على رئاسة المملكة للقمة القادمة 2020، وأن تكون في مدينة الرياض.

لقد رأينا زعماء العالم وهم يتهافتون لتحية الأمير محمد بن سلمان والحوار معه حول الكثير من القضايا التي تهم العلاقات الثنائية، أو تتعلق بملفات قمة العشرين الاقتصادية والسياسية، فمن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي عبر عن اعتزازه بصداقة الأمير محمد بن سلمان وأثنى عليه شخصياً، مشيداً بالإنجازات الكبيرة للمملكة، وبخاصة جهودها في سبيل مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، إلى الرئيس فلاديمير بوتين الذي عبر عن تقديره الشخصي لسمو ولي العهد مؤكداً دعمه للمملكة في رئاسة مجموعة العشرين العام المقبل أثناء عقدها في الرياض، مشيراً إلى أنه سيزور المملكة الخريف المقبل تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله -، حتى إن رئيس وزراء الهند استقبل سمو ولي العهد بالأحضان كصديق عزيز وغالٍ على الهند، هذا خلاف اللقاءات الجانبية الأخرى مع زعماء الدول الكبرى التي تؤكد مكانة المملكة وحرص هذه الدول على توثيق علاقاتها السياسية والاقتصادية معها.

ولا ننسى أيضاً حرص رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي - الدولة المستضيفة - على لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووعده بأن اليابان مستعدة لمساعدة المملكة في خطتها الإصلاحية الشاملة لتنويع اقتصادها والحد من اعتمادها على النفط، مشيداً بجهودها في هذا المجال بقوله: "إن رؤية السعودية 2030 عملية إصلاح رئيسة غير مسبوقة تهدف إلى وقف الاعتماد على النفط وإلى تنويع الصناعة، وستواصل اليابان بذل أقصى جهد للمساعدة في نجاحها".

هذه الحقائق التي أسفرت عنها قمة العشرين الأخيرة توضح بكل جلاء أن المحاولات اليائسة، والدعوات المغرضة، والتقارير المغلوطة التي تستهدف قيادة المملكة واقتصادها ووحدتها، والتشكيك من بعض المحسوبين على دول بعينها لم تفلح في التقليل من مكانة المملكة، أو تقدير قيادتها الشابة المتمثلة في سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

فمهما حاول هؤلاء المتطاولون أن ينالوا من المملكة أو قيادتها، أو التعريض بسياساتها الثابتة من خلال أبواق الفتنة، وقنوات الخداع والدجل الذين تغيظهم حالة الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي التي تعيشها المملكة، والتلاحم الفريد بين القيادة والشعب الذي نشهده في كل ركن من أركان هذه البلاد بمناطقها ومدنها المختلفة، فلن يحققوا مبتغاهم.

وهذا الهجوم الذي تعودناه كثيراً حينما يحقق سمو ولي العهد الإنجاز تلو الإنجاز، إنما يعود إلى مواقف المملكة الثابتة التي ينتظمها إطار واحد، وهو التعامل الواعي والمتوازن مع القضايا الإقليمية والدولية المعتمد على الحكمة والاعتدال، بعيداً عن المزايدات والعنتريات التي تعودناها من قبل هؤلاء المشككين الذين لم يستطيعوا عمل شيء لبلادهم، واستهدفوا المملكة لأغراض في نفوسهم المريضة.

والغريب أن هولاء الناعقين والمشككين لا يهمهم سوى المملكة؛ لأنها بقيت غصة في حلوقهم، فلقد حاولوا إثارة الفتنة في الداخل، والعزف على وتر الطائفية والمناطقية، فألجمهم التلاحم الفريد بين القيادة والشعب، وحاولوا التشكيك في رؤية المملكة 2030، وأنها رؤية خيالية غير قابلة للتطبيق، فأسكتتهم الإنجازات المتلاحقة التي نراها تتحقق على الأرض يوماً بعد يوم.

وستبقى سياسة المملكة كما هي بعيدة عن الانكفاء على الذات، والانغلاق والتقلب وراء مصلحة مؤقتة، بل هي سياسة تعتمد الانفتاح والتواصل والمبادئ الثابتة الرشيدة، والاعتماد على الدبلوماسية الهادئة التي تتجنب الضجيج وطرح الشعارات الجوفاء، مما أكسبها هذه السمعة العالمية المرموقة، ورأينا نتائجها في قمة العشرين الأخيرة وفي لقاءات سمو ولي العهد مع زعماء الدول الكبرى.