&فارس بن حزام&

أحدث صور تشويه السعودية قبل موسم الحج، هو الادعاء أنها تتاجر بتأشيراته، وكذلك تأشيرات العمرة معظم السنة، ومرد ذلك إقرار حكومتها رسوماً جديدة قدرها نحو 530 دولاراً، بينما الواقع أن القرار نص على مجانية الحج والعمرة لأول مرة، وهو ما تخفيه عن الحجاج والمعتمرين شركات ووكالات في دول عربية عدة.


من وجهة نظر السعودية، أن من يحج أو يعتمر مرتين خلال فترة زمنية متقاربة، هو مقتدر مادياً نوعاً ما، وقد رأت أن قرارها يفسح المجال لملايين المسلمين الراغبين بالحج، ولم يتمكنوا من بلوغه، بعد أن أخذ أماكنهم من كرر حجه أو عمرته. ومعلوم أن لكل دولة حصة من تعداد الحجاج متفقاً عليها سنوياً، ويجري تطويرها ورفع نسب الدول، للوصول إلى الرقم المنشود بعد أحد عشر عاماً؛ ستة ملايين حاج في عام 2030، ولذلك تعمل الحكومة جاهدة لتوسيع الخدمات وتطويرها، للتمكن من استقبال هذا الرقم المضاعف لحج السنوات الأخيرة.

ومن هذا الموسم إلى أن يرتفع عدد الحجاج، يتفاجأ راغبون في الحج في بعض الدول العربية بفرض رسوم عالية على التأشيرة، وتحصلها الشركات المنظمة للرحلات، وتوضع ضمن إجمالي تكلفة الرحلة، وعندما يسأل الحاج يرمون الكرة في ملعب الحكومة السعودية، على رغم وضوح القرار والرسوم المنشورة على المواقع الرسمية، بحيث لا مجال للاجتهادات فيها، علاوة على وجود دول تتلاعب، وتتنحى بعيداً عن محاضر وقعها ممثلوها مع وزارة الحج في المملكة.

والآن، من المتاجرون بالدين؟

هم هؤلاء، من شركات ووكالات الحج أو مسؤولين عرب خلفهم، يغشون ويخدعون المسلمين، ويشترون ويبيعون بالدين ومقدساته، وأفسدهم وأرداهم من ينقل حجاجاً بتأشيرات عادية، فيتورطون عند وصولهم السعودية. ومن صور الغش، ما يمكن مقارنته بين تكلفة الحج من أبعد مدينة داخل المملكة مع دول عربية، ونجد أن الرقم مضاعف مرة ومرتين، رغم أن الفارق لا يتجاوز أمراً واحداً؛ تذكرة سفر دولية وليست داخلية. وهذه أرقام تقريبية، على سبيل المثال لا الحصر؛ من تونس 5300 دولار، ومن مصر 7000 دولار، ومن داخل السعودية ألفا دولار، وهذه عينات لرحلة حج متشابهة في الجودة المتقدمة؛ سكناً ونقلاً وإعاشة.

ومن المتاجرين بالدين أيضاً، من يبيع ويشتري في تأشيرات الحج المجانية، وتكشفهم الخلافات، وكما يقال شعبياً: "إذا اختلف الحرامية ظهر المسروق"، وهؤلاء وجدناهم بكثرة في العراق، وفي بيئة "حزب الله" في لبنان.

لا أعلم حقيقة أين تقف مسؤولية السعودية أمام هذا العبث، لكن الصمت والتجاهل وترك الموضوع لدى بقية الدول ليس حلاً سليماً، فالصورة السلبية والمشوهة للواقع تصيب المملكة وحدها.