&محمد أبوكريشة&

&لا حرب واضحة صريحة ولا سلام في المنطقة العربية.. هذا هو التوصيف الدقيق لما يحدث ولما سوف يحدث.. الطبول تُدق بلا حرب والشعارات تنطلق بلا سلام، وهذا وضع مثالي للقوى الدولية الكبرى وللقوى الإقليمية، التي تبتز وتساوم وتأخذ العرب إلى حافة الهاوية ثم تعود بهم إلى المنطقة الهادئة.. والعرب يدفعون الثمن وليست لديهم أيُّ أوراق لعب على الطاولة الدولية ولكنهم قطع شطرنج على الرقعة العالمية، وقطع الشطرنج لا إرادة لها والفوز ليس لها بل لمن يلعب بها.


ويقال إن السم الذي لا يقتلني يقويني، والسموم التي يطلقها الغرب ضد إيران وتركيا وحتى إسرائيل تقوي هذه الدول ولا تقتلها.. إنها سموم التهديد والوعيد والعقوبات، وكلها لا تؤتي أُكلها إلا قوة وصموداً لإيران وتركيا، والعرب يتلقفون هذه التهديدات بمنتهى السعادة ويهللون لها، وهم لا يعلمون أنها تزيد إيران وتركيا قوة حتى على مستوى الشعوب العربية، التي باتت على يقين بأن إيران وتركيا ندان قويان لأمريكا وروسيا والغرب.

كل ما يحدث، أن هذه القوى الدولية والإقليمية تجيد إدارة الأزمات العربية وتتكسب منها، وأما الحل فغير مطروح، لأن إدارة أزمات العرب وتسمينها أكثر ربحاً مئات المرات من حلها، وأفضل إدارة لأزمات العرب في عرف ورأي هذه القوى، هي أن تبقي في حالة مد وجزر، وتذهب مرة إلى التصعيد ومرة إلى التهدئة، والعرب ليست لديهم خيارات سوى أن يبقوا في مقاعد المتفرجين أو يبقوا كرة يركلها لاعبون أجانب في الملعب.

إن نيران الجيران تركيا وإيران تمتد إلى كل ركن في هذا العالم العربي، ويحترق العرب بها، وتندلع وتخبو وفق إرادة القوى الدولية والإقليمية بلا أي إرادة للعرب، لذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه.. لا حرب ولا سلام، والأمر مفتوح على كل الاحتمالات.. نعم هي الاحتمالات، حيث لا يقين في هذه الأمة ولا حسم ولا نهاية لهذا الفيلم العبثي، ولا لوم على أحد، فالعرب يلعبون دور «الكومبارس» والمجاميع و«الدوبلير» في هذا الفيلم، ولكنهم ليسوا أبطاله ولا مُخرجيه ولا مُؤلفيه، على الرغم من أنه فيلم عربي بأحداثه وأماكن تصويره.

وكل ما يحدث هو إعادة إنتاج الخطايا العربية بأبطال وشخوص مختلفين منذ ما يزيد عن ألفي عام، فمن الفرس والروم والزنج والصقالبة إلى أمريكا وروسيا وتركيا وإيران وإسرائيل.. المتحاربون والمتقاتلون أجانب والضحايا والوقود عرب.. فلا تنتظروا خمود وانطفاء نيران الجيران تركيا وإيران!!