خالد الطراح&

الجارة المسلمة إيران، تختبئ تحت مظلة نظام جمهوري ديموقراطي ظاهريا و«انتخابات حرة»، بينما الدستور الإيراني يضم في طياته تناقضات مع حقيقة الانظمة الديموقراطية، حيث حدد الدستور جميع السلطات بيد الولي الفقيه، الذي يرمز له بـ«القائد» بحسب المادة 110 من الدستور الايراني. التهديدات الايرانية الاخيرة لأمن وسلامة دول الجوار الخليجي وكذلك على المستويين الاقليمي والدولي، لها تاريخ منذ قيام الثورة الخمينية حتى آخر محاولة «اعتراض ناقلة بريطانية وهي في طريقها نحو مضيق هرمز»، وهو تناقض سافر مع مزاعم ايران بالحرص على «اقامة علاقات حميمة ووثيقة وودية وأخوية مع دول الجوار»، كما ورد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي اخيرا.

يقول موسوي في تصريحه المنشور في 12 يوليو 2019 «ان ايران لها 15 دولة مجاورة وترغب في علاقات حميمة من جميع الجيران وان الخلاف امر طبيعي بين الدول والجيران، لكن ايران تقدم رسالة السلام والصداقة والإخاء في قمة التوترات»! واضح ان المقصود ما يسمى بـ «معاهدة السلام الاخيرة» اي «اتفاقية عدم الاعتداء»، وهي اتفاقية انتقائية مع بعض دول الخليج، من اجل تحييد هذه الدول، مقابل انفراد طهران بتنفيذ مخططات عدائية ضد دول خليجية وأجنبية ايضا، ودعم ميليشيات ارهابية في الجوار الخليجي والعربي! مثلا، تتدخل طهران بشكل سافر في شؤون العراق، بعكس ما ادعاه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اخيرا في بغداد، فإيران تقف بشكل مباشر وغير مباشر خلف وضع طائفي دموي في جنوب العراق ومناطق اخرى ككردستان التي تعرضت «لهجوم ايراني بالصواريخ والطائرات المسيرة». وتعول ايران على تصدير الاوهام حول سلام مزعوم، بينما ترفض التخلي عن المادة الدستورية بخصوص «نصرة المستضعفين»، وهو الغطاء الذي تستغله طهران في التدخل في شؤون دول الجوار الخليجي والعربي ايضا.

اذا كانت فعلا ايران تسعى الى تحقيق السلام مع دول الخليج العربي، فعليها تقديم تعهدات وضمانات بوقف «نصرة المستضعفين» ودعم حوار سلمي مع دول الجوار والمجتمع الدولي ايضا، وهو قرار مستبعد كليا. المناكفة الايرانية مع دول الخليج وتحديدا السعودية وكذلك الدول الغربية كأميركا وبريطانيا، لا تخدم مصالح الشعب الإيراني، وإنما تقود الى تدهور اقتصادي ومعيشي، بالرغم من ثروات ايران التي يستفيد منها بعض فئات الشعب، فيما يحتضر الجزء الاكبر من الشعب الايراني! تحاول إيران تطبيق نظرية الردع Deterrent Theory ضد المجتمع الدولي عبر مخططات طائفية في سوريا ولبنان والعراق واليمن، فيما تنكر التهديدات الموجهة لبحر عمان وباب المندب ومضيق هرمز، وهو رهان خاسر على دعم روسي لها. ليس هناك مؤشر ايراني مقنع في القبول بحلول سلام شاملة، وإنما أنصاف الحلول لشراء الوقت وتشتيت صفوف المعارضة الايرانية بالداخل والخارج ايضا. ينبغي على طهران اعادة حساباتها والتمعن في متطلبات السلام الحقيقي على اسس العدل واحترام حرية الاعتقاد دون التأجيج للمذهبية البغيضة!

&