&خالد أحمد الطراح&&

أشرقت الزميلة الفاضلة سعاد المعجل بإضاءة جميلة ضمن مقال لها بعنوان «مرداد.. والنبي» في يونيو 2019 حول كتاب ميخائيل نعيمة «مرداد»، حيث جالت بقلمها بسلاسة على النفس البشرية وما يمكن استخلاصه من الصراع التاريخي بين الشر والخير. لابد من توثيق الشكر، وان كان متأخراً، للزميلة سعاد، فقد أخرجتني وربما غيري كثر من صداع دهاليز السياسة المحلية والدولية والأوضاع المحفوفة بالمخاطر حولنا. منذ نشر المقال، بات المضمون راسخاً في ذهني، باحثاً تارة عن فكرة للتعليق، وتارة أخرى ساعياً الى نبش الجوانب الخفية في الإنسان، أو التي لا يميل الانسان الى نكرانها، كما حرصت عليه الزميلة سعاد بين السطور، فهي شخصية لها اهتمام بالجوانب الكونية والاجتماعية وقضايا أخرى ذات أبعاد فلسفية، الى جانب تخصصها اللغوي.

حاولت ان «أغوص» في الأعماق بالقدر الممكن، من أجل الخروج من عالم السياسة والمفاجآت الصاعقة المتتالية في الحياة، نتيجة هيمنة أطراف ووصاية شرائح اجتماعية أيضاً على الشعوب في التفكير والتعبير، ولكني وجدت نفسي محاصراً بقيود من صناعة بشرية! هناك من يقوى على عدم الاكتراث أو الاستسلام، وهناك أيضاً من يسعى الى تحدي تكبيل العقل وصعود الأمواج الذهنية العاتية، حتى في حال استقر الرأي على الانعزال عن المجتمع أو الشأن العام نتيجة يأس أقوى من البعض وليس الكل.

تظل السياسة، ليس بالمعنى البحت، محوراً مؤثراً في تطور حياة الإنسان ومواجهته للصراع الذاتي والبشري ككل، فالسياسة موجودة في الحياة الاجتماعية وبين الأزواج وأفراد الأسرة والمجتمع، حيث ان مجمل القرارات هي عبارة بالمحصلة النهائية لتفكير قد يصيب او يخطئ في التوصل للحلول، فثمة تعقيدات في الحياة قد لا يدركها البعض لأسباب نفسية واجتماعية متنوعة، فيما يقر البعض الآخر بها ومنها، مثلا، العلاقة الزوجية. فالعلاقة الزوجية ليست بسيطة، بل هي شراكة قابلة للنجاح والفشل، اعتماداً على الأفراد المعنيين والمستوى الفكري «السياسي» في التعاطي مع تحديات مختلفة ومعالجتها بحكمة وتروٍّ. هناك أيضاً هاجس الخوف (فوبيا)، الذي يمكن أن يسيطر على الإنسان، وهو ظاهرة طبيعية، من الممكن هزيمتها إذا ما توافرت القوة الذاتية على كسر حاجز الاستحالة النفسية أو التعايش مع الفوبيا بشكل اعتيادي من دون خجل. ثمة العديد من القضايا التي تستدعي «الغوص» فيها من أجل الوصول الى حقيقة الذات البشرية، وكذلك المحيط المؤثر في السلوك والتفكير والمستقبل، وخصوصاً بالنسبة لفهم لغة جيل اليوم، الذي يواجه تحديات ينبغي علينا تفهمها.

«مرداد» هو واقع يتطور معنا من دون ان نعيه او الاعتراف به، ولعل الأهم في كيفية إدراك الصراع البشري بشكل إيجابي، من الممكن ان يستفيد منه جميع أفراد المجتمع من دون قفزات خاطئة بالتفسير للنوايا وافتراءات على الذات والآخرين أيضاً. نحن بحاجة الى مواجهة الذات والاعتراف بحجم النكران، الذي يسيطر على الانسان، تفاديا للتوصل الى مصالحة مع الذات والقادم المبهم والجدل المحظور، فقد بات الزمان الحالي مشوهاً! .

&