&لطيفة العروسني

صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) بالأغلبية على قانون إصلاح التعليم، الذي أثار جدلاً واسعاً، حيث صوّت لفائدة القانون 241 نائباً، وعارضه 4 نواب فقط، فيما امتنع 21 نائباً عن التصويت.
ويعد هذا المشروع، الذي أجازه النواب ليلة أول من أمس، أول قانون يعتمده المغرب لإصلاح التعليم الذي ظل متعثراً طوال عقود، ولم تفلح الحكومات المتعاقبة في تحقيق أي تطور في القطاع لأنها كانت تستند إلى مبادرات غير ملزمة.
وأثارت لغة التدريس في القانون جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية والثقافية، وبين أعضاء الفرق النيابية من داخل الأغلبية، بين من دافع عن تدريس العلوم باللغة العربية، وبين من أيّد اللغة الفرنسية التي نص عليها القانون، وبين من عارض اعتماد الفرنسية فقط، وعدم إدراج الإنجليزية كذلك. علماً بأن المادة الثانية من قانون إصلاح التعليم تنص على «اعتماد التناوب اللغوي، وذلك بتدريس بعض المواد، خصوصاً العلمية والتقنية منها، أو أجزاء بعض المواد بلغة أو بلغات أجنبية».
وقال سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إن هذا المشروع يعد «نصاً قانونياً بالغ الأهمية لكونه يشكّل أول قانون - إطار سيُعتمد في تاريخ التشريع المغربي في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، والذي سيمكّن بلادنا من التوفر على إطار مرجعي ملزم للجميع، وضامن لاستدامة الإصلاح العميق لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ويوفر شروط الإقلاع الحقيقي للمدرسة المغربية»، مشيراً إلى أن هذا المشروع يأتي في «سياق سيرورة متواصلة ومتجددة لإصلاح منظومة التربية والتكوين، تجسد رغبة وطنية ملحة، وحرصاً ملكياً شديداً لتجديد المدرسة المغربية». كما عدّ أمزازي أن القانون «ليس مشروعاً قطاعياً أو حكومياً، بل هو مشروع وطني ومجتمعي».

وصوّت الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية لفائدة القانون ككل، وامتنع عن التصويت على المادتين اللتين نصتا على تدريس العلوم باللغة الفرنسية، وهو ما أثار ضده انتقادات واسعة، حيث شن عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام السابق للحزب، هجوماً ضد حزبه بسبب تصويته لصالح القانون، وعدّه تخلياً عن مرجعية الحزب، وخيانةً لمبادئه واستسلاماً للضغوط، ما جعل الحزب بنظره «أضحوكة الزمان».
وذهب ابن كيران إلى حد القول بأنه فكر في مغادرة الحزب لأنه لم يعد يشرّفه الانتماء إليه، بعد موافقته على اعتماد «لغة الاستعمار» في التدريس. إلا أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام الحالي للحزب، رد عليه ودافع عن حزبه، بقوله إنه لم يتخلَّ عن مبادئه، وسيظل متشبثاً بمرجعيته الإسلامية، مشدداً على أنه حزب مؤسسات لا حزب أفراد.
من جهته، قال النائب حسن عديلي إن فريق «العدالة والتنمية» ظلّ ثابتاً على موقفه، الذي اتخذه سابقاً، حيث صوّت بالامتناع عن المادتين موضوع الخلاف، «وهو ما يؤكد أننا نتخذ مواقفنا بناءً على المصلحة العليا للوطن وللناشئة المغربية». وتابع موضحاً: «لو كانت مواقفنا محكومة بهواجس حزبية وسياسية لكان من الممكن ألا نصادق على مشروع القانون، بالنظر إلى وجود مشكل فيما يتعلق بالمادتين سالفتي الذكر. لكن بالنظر إلى كون القانون جاء بجملة من الإيجابيات فإنه لا يمكن إلا نصادق عليه».

وحسب عديلي، فإن هذا المشروع تضمن الكثير من المكتسبات، ومنها حسمه بشكل واضح وجليّ في علاقة منظومة التربية والتكوين بقضايا الهوية والانتماء، وذلك بتنصيصه الواضح على استناد المنظومة إلى الثوابت الدستورية الجامعة، وفي مقدمتها الدين الإسلامي الحنيف، والملكية الدستورية، والوحدة الترابية، والخيار الديمقراطي. فضلاً عن الارتباط بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، المتعددة الروافد.
ويهدف مشروع هذا القانون إلى إصلاح منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي على أساس تحقيق الإنصاف، وتكافؤ الفرص والجودة والارتقاء بالفرد، وتقدم المجتمع، وضمان استدامته. وتضْمن الدولة بموجب هذا القانون مجانية التعليم الإلزامي، الذي يشمل التعليم الأولي للأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و6 سنوات، والتعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي، ولا يحرم أحداً من متابعة الدراسة بعد التعليم الإلزامي لأسباب مادية محضة.