غداة التوقيع على قانون موازنة العام 2019 من جانب رئسي البرلمان اللبناني نبيه بري والحكومة سعد الحريري وإحالتها الى قصر بعبدا ليوقّع عليها رئيس الجمهورية ميشال عون وتصبح نافذة. تم تجميد هذه الموازنة لدى الرئاسة الأولى على خلفية "لغط في اقرار المادة 80 يفرض جلاءه"

وفق المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، وهي تتصل بمباريات مجلس الخدمة المدنية، والتي رأى البعض أنها لا تراعي مقتضيات الوفاق الوطني.

وجاء في بيان للمديرية: "بالإشارة إلى القانونين المصادق عليهما من مجلس النواب والمتعلقين بنشر الموازنة للعام 2019، وإنجاز قطوعات الحسابات وتأمين الموارد اللازمة لديوان المحاسبة، إضافة الى قانون الموازنة والموازنات الملحقة للعام 2019، يهمُّ المدير العام لرئاسة الجمهورية الإفادة بأن المديرية العامة تسلّمت القوانين المشار إليها أعلاه مساء الأربعاء 24 تموز(يوليو) 2019، وقد باشرت الدوائر المعنية فيها درسها وفقًا للأصول الإدارية والقانونية المعتمدة، قبل رفعها إلى فخامة رئيس الجمهورية لاتخاذ القرار المناسب في شأنها، وذلك استنادًا إلى مواد الدستور 19 و56 و57. وتبيّن أن لغطًا يحيط في شأن إقرار المادة 80 من قانون الموازنة، الأمر الذي يفرض جلاءه، علمًا أن فخامة الرئيس يُدرك أهمية إقرار الموازنة ونشرها وانتظام الوضع المالي".


باسيل: اخلال بالتوازنات

وفي السياق اكد وزير الخارجية جبران باسيل خلال احتفال في زحلة بحضور الرئيس عون ان "ما حصل في المادة 80 من الموازنة ليس بسيطا لناحية الاخلال بالتوازنات والتفاهمات والاتفاقيات"، وقال:" ما بتحرز انو نضرب" التوازنات والتفاهمات والاتفاقيات من اجل 400 موظف لادخالهم فرضا الى القطاع العام".

أضاف:" لا نريد أن نحمّل الرئيس مسؤولية إعادة الموازنة كما اننا لا نريد أن نتحمّل الطعن في الموازنة لا داخليا ولا خارجيا لأننا حريصون على البلد، لكن ما حصل يستأهل السؤال: ما معنى مقتضيات الوفاق الوطني؟ وما هي الشراكة؟" مشددا على وجوب الالتزام بحذف المادة 80 من الموازنة إما بقانون أو في الموازنة المقبلة وعدم تكريس هكذا أعراف تضرب صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير".

ميقاتي يستغرب

واستغرب الرئيس نجيب ميقاتي "الكلام عن تأخير اصدار الموازنة العامة لاعتراض فريق سياسي على المادة التي تحفظ حق الوظيفة لست سنوات للناجحين في مجلس الخدمة المدنية"، وسأل:" كيف نقول للناجح أنك لم تعين بسبب غياب التوازن الطائفي، علما ان هذا الكلام يتناقض مع الدستور الذي ينص على المناصفة في وظائف الفئة الأولى فقط، دون الفئات الأخرى؟". وسأل: "بماذا نجيب الشباب والشابات الناجحين، في ظل المناكفات والكلام الذي يؤدي الى المزيد من التعصب، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى الكلمة الطبية؟ هذا البلد لا يحكم بالمناكفات والشعارات، كما ان الممارسات الفئوية والعشائرية لا تحمي المذاهب والطوائف، ناهيك عن أن الموازنة التي أقرت ولو أنها ستؤدي إلى خفض العجز نسبيا تنعكس إنكماشا اقتصاديا".

وقال: "إن الإصلاح يجب أن يبدأ من السياسة، وعلى السياسي أن يتخلى عن المناكفات، وأن تكون ثقته بالدولة أكبر، دولة نبنيها جميعا، ولا تكون خصما لأحد، دولة لا نتشاطر عليها، بل ندعمها لأن دعمها يقوينا نحن، وخير مثال على التشاطر ما يحصل على صعيد المطالبة بالمجلس العدلي".

... وحماده: تأخير إصدارها مؤامرة كبرى على "الطائف"

وأعلن عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب مروان حماده في تصريح "أن آخر ما أتحفتنا به المديرية العامة لرئاسة الجمهورية هو تأخير إصدار قانون الموازنة لإسقاط حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية. انها المؤامرة الكبرى على الطائف والدستور والمساواة بين المواطنين واحترام نتائج المباراة واعتماد الكفاءة دون اعتبار آخر في الفئات الوظيفية دون الفئة الأولى. إن الاجتهادات التي يخرج بها أهل البلاط منذ ثلاث سنوات لتفريغ إتفاق الطائف من مضمونه تؤسس لفتنة آتية نتمنى على رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس والحكومة اخمادها منذ اليوم".

أضاف: "يستحق المسيحيون والمسلمون على حد سواء الناجحون في امتحانات مجلس الخدمة تغليب الكفاءة على الإنتماء المذهبي، ولا يجوز لأحد حرمانهم هذا الحق. إن للابتزاز حدودا وللتمادي في شل الحكومة وتعطيل الدستور ومخالفة إتفاق الطائف حدودا أيضا. إن جماعة العهد وحلفاءهم الكبار منهم والصغار، يدفعون البلاد إلى الفتنة والإفلاس اضافة الى المهالك الخارجية. بئس هذه التسوية التي جاءت بأسوأ ذهنية الى الحكم وهي نقيض لبنان الحر السيد المستقل العربي الديموقراطي".

"هدم آخر جسور الثقة بالدولة"

ورد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم على الاجراء الرئاسي بتغريدة جاء فيها: "محاولة اسقاط بند حفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية بأسلوب ملتو هرطقة دستورية وهدم آخر جسور الثقة بهذه الدولة".

أما عضو الكتلة ذاتها النائب محمد نصرالله فقال لـ"المركزية": "بحسب معلوماتنا، لا لغط حول الموازنة العامة، وهي عند رئيس الجمهورية ليوقعها ولا خلل في هذا الموضوع. الآن أثيرت مجددا قضية الناجحين في مجلس الخدمة المدنية"، لافتاً إلى "أن هذه القضية نوقشت في الهيئة العامة، التي وافقت على إعطاء فرصة جديدة لخريجي مجلس الخدمة المدنية وحفظ حقهم في الدخول الى الملاك أسوة بكل الخريجين الذين سبقوهم، علماً أن دورات كثيرة سبقت الدورة الاخيرة التي تعقّدت، كانت تشمل عدم توازن طائفي ومذهبي، مع الإشارة ان لا قانون يشير الى ذلك، والدستور لا يمنع هذا الامر"، مشدداً على "أن التوظيف في الفئة الاولى فقط ينص على مراعاة التوازن الطائفي".

وكان رئيس الجمهورية أعاد الى مجلس النواب قانونين، طالباً اعادة النظر بهما: الاول يتعلق بإعفاء اولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني والحائزين على اقامات مجاملة من الاستحصال على اجازة عمل، والثاني يتعلق بمكافحة الفساد في القطاع العام وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
&