& مها محمد الشريف

&

لقد وقفنا على حقيقة مفادها أن ما يميز العمل الجاد هو الواقعية، والابتعاد عن التنظير في ربط العلاقة بين الرأي والسياسة حيال كثير من القضايا، فالعالم الجديد يسير تحت قيادتين تتبادلان الأدوار بنظام متعدد الوجهات، ويمتلك قناعة مفادها أن ديناميكية جيوبولتيكية إقليمية ضمن أشياء تعملان على تحقيقها في جميع أنحاء العالم.
ليس كل ما يتضمنه النص بجديد، يتعرف عليه القارئ لأول مرة، لكن النص يحيل أحياناً إلى وقائع قديمة تم تجديدها؛ حدثت مؤخراً، وعلى العالم فتح صفحة جديدة بيضاء لكتابة آخر المستجدات في الساحة السياسية بعد عقوبات أميركا على إيران، وبعد حادثة ناقلتي النفط البريطانية وتداعياتها، وفضيحة قطر في الصومال.

ومهما كان رأينا في قطر، فإن ثمة خطراً قادماً من الممارسات التي تتصدر المشهد السياسي بسبب الفضيحة التي انتشرت عبر وكالات الأنباء والصحف ووسائل التواصل، بعد أن كشف تسجيل مسرب لصحيفة «نيويورك تايمز» فحوى المكالمة الصوتية بين رجل الأعمال القطري خليفة كايد المهندي والسفير القطري في مقديشو حسن بن حمزة هاشم، حيث قال المهندي في التسجيل إن مسلحين نفذوا تفجيرات في ميناء بوصاصو الصومالي لتعزيز مصالح قطر.
لطالما حذرت الدول الأربع من خطورة الممولين للإرهاب، والدليل دامغ قاطع هذه المرة على قطر، ودورها في هذا الدعم والتمويل. وقد مرت الذكرى الثانية على قطع العلاقة مع هذا النظام الداعم للإرهاب من قِبل مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وما من شك أن قرار المقاطعة صائب، ولا بد من اتخاذ قرار مماثل من الجامعة العربية بعد هذه الفضيحة المدوية في الصومال، وما اقترفه نظام الحمدين من نشر الفوضى والصراعات في الدول، حتى علا صوت الغدر القطري، وسمع صداه الشرق والغرب.
هناك كثير مما يتوجب قوله أو طرحه عن رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، عندما قال: «هناك سبب مهم يدفع قطر إلى التدخل بهذه القوة في الصومال، لأنها بمثابة حديقة خلفية لليمن، وبالتالي فهي المغذي الرئيسي لقيادات التنظيمات الإرهابية في اليمن»، وذلك لعرقلة جهود السلام وتسوية الأوضاع.&

في هذه الأثناء، تصدرت الاتهامات الموجهة لقطر عناوين الصحف، وأسوأ بكثير مما يظن البشر، فالمواقع والصحف تدين هذه الدولة الصغيرة الضاربة بجذورها في الإرهاب، ويقطن في قصورها الفخمة المجرمون وزعماء التنظيمات الإرهابية من «الإخوان المسلمين». ووفقاً لصحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية، فإن «الحكومة القطرية قد وُضعت على قائمة الحكومات الراعية للإرهاب عام 2014».
ورغم تلك الإدانات، واعتبار الحكومة القطرية من أبرز ممولي الإرهاب، تظل قطر من الدول التي تفلت دوماً من العقوبات. هنا، نطرح السؤال: لماذا يسكت المجتمع الدولي عن دورها في تمويل الإرهاب، خصوصاً أميركا وبريطانيا وفرنسا؟!&
في غضون ذلك، علِمَ الكونغرس الأميركي أن عدداً كبيراً من المؤسسات الخيرية في دولة قطر تدعم أنشطة تنظيم «القاعدة»، من خلال المساعدة في نقل وغسل الأموال لصالح هذا التنظيم الإرهابي، في عام 2003. وبعدها بعشرة أعوام، في 2013، اعتبرت الولايات المتحدة القطري عبد الرحمن النعيمي أحد ممولي الإرهاب.

ففرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الأفراد، وليس على الحكومة، ثم أعلنت أن النعيمي هو ممول الإرهاب الذي يعمل لصالح دولة قطر، حيث «ييسر مرور الأموال، ويقدم الدعم المادي، وينقل الرسائل إلى تنظيم (القاعدة) وفروعه في سوريا والعراق والصومال، ثم اليمن، منذ أكثر من عقد من الزمن».
إن ما قامت به قطر عبر سنوات طويلة، من دعم وتمويل للإرهاب، تكتمل صورته اليوم من دون مساحيق تجميل أو فبركة؛ هناك شخصية دبلوماسية بمنصب سفير تتسرب مكالمته التي تتحدث عن تنفيذ أعمال إرهابية، وهذا دليل قاطع على أن هذا هو نهج حكومة قطر، وليس تصرف أفراد، وهذا ما يصنف بأنه إرهاب دولة يجب محاسبتها عليه. فكم من دماء في عالمنا العربي أريقت من قبل جماعات إرهابية حصلت على تمويل عملياتها من قطر. فمن سيحاسبها؟ وإلى متى يصمت المجتمع الدولي عن ممارساتها الإرهابية؟