&شملان يوسف العيسى


ذكر صندوق النقد الدولي أن تراجع العائدات النفطية أدى إلى عجز بقيمة 50 مليار دولار في الميزانيات الخليجية لعام 2019، وأشار تقرير للصندوق إلى استمرار السياسات المالية التوسعية في دول الخليج خلال 2019، حيث يتوقع ارتفاع الإنفاق الحكومي في المنطقة بنسبة 55%، وصولاً إلى 605.6 مليار دولار، بناءً على تحليل التقديرات العامة للموازنات المالية الحكومية الصادر عن صندوق النقد الدولي، والذي يتحدث عن ارتفاع عجز الموازنات الخليجية من 28 مليار دولار في 2018 إلى 50 مليار دولار في عام 2019.
ويبقى السؤال هنا هو:هل هنالك خطط واضحة للوصول إلى نقطة الأمان أو التعادل؟ وهل الإنفاق سيجلب لنا في المستقبل عوائد جديدة؟ أم أنه إنفاق غير إنتاجي؟ مع العلم أن الطلب العالمي على النفط بدأ يتراجع لوجود بدائل جديدة للطاقة الأحفورية ولزيادة الإنتاج الأميركي من النفط الصخري.
لحل المشكلة يتطلب الأمر اتخاذ قرارات جريئة وقوية، وربما غير شعبية، علماً بأن اقتصاديات الخليج في الغالب تتصف باعتماد الإنسان فيها على الدولة الريعية في معظم جوانب حياته.. فهو في العديد منها لا يدفع الضرائب على الدخل، وقد لا يساهم في عملية الإنتاج وخلق إيرادات لبلده سواء من دفع الضرائب أو الرسوم أو الالتزام الجاد بالعمل والإنتاج.&

والأمر المؤكد بالنسبة لنا هو أنه لا توجد حلول سحرية تقضي على العجوزات المشار إليها أعلاه، إلا قفزة كبيرة بأسعار النفط، وهذا لن يتحقق في المدى المنظور، بسبب إنتاج النفط الصخري الأميركي، ولوجود بدائل جديدة للطاقة الأحفورية.
ما لجأت إليه العديد من دول الخليج مؤخراً هو إما السحب من الاحتياطي العام الذي تراكم في فترات الطفرة النفطية، أو الاقتراض من البنوك والأسواق المحلية أو العالمية، وكلا الإجراءين حل مؤقت وغير مستدام. لا يوجد حل مستدام غير الاعتماد على الذات، من خلال تخفيف الإنفاق وفرض الضرائب

والرسوم على الشركات في القطاع الخاص، وحث مواطني هذه الدول على العمل والإنتاج.
وحتى نكون منصفين، هناك بعض الدول الخليجية قد اتخذت بالفعل خطوات جريئة وجادة في مجال الإصلاح الاقتصادي، حيث خفّضت الرسوم وفرضت ضريبة القيمة المضافة، وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين. كما قامت هذه الدول بتخفيض الدعم الحكومي للكهرباء والماء وغيرهما. إنها خطوات ضرورية ولا مفر منها. والمطلوب اليوم هو الاستمرار في نهج الإصلاح الاقتصادي، لأن التحول لا يزال في بدايته.
ولا شك أن خطوات إصلاحية كهذه وغيرها ستغير حتماً من طبيعة المجتمعات الريعية، ويمكن أن تكون حلا لكثير من الإشكاليات، لاسيما في ظل إشراك المجتمعات في تنمية بلدانها بجد وإخلاص.

&

&