حذر رئيس الحكومة السابق تمام سلام من "الاعتداءات على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء ومساع حثيثة لقضمها، ومحاولات تكبيلها بممارسات من قبل قوى لا تفهم السياسة الا كيدا وغَلَبة".


ودق سلام جرس الإنذار في بيان أصدره أمس عن الأوضاع في لبنان مشيرا إلى "فوضى سياسية منظمة ومدروسة"، منتقدا بطريقة غير مباشرة العهد ، معتبرا أن "لبنان يعيش مسارا انحداريا بدلا من انطلاق مسار إصلاحي وعدوا به قبل 3 سنوات"، لكنه دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى "الحفاظ على مسافة متساوية من الجميع". وانتقد "اجتهاد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل حول المناصفة في جميع الوظائف العامة".

وأصدر سلام بيانا بعد ظهر أمس قال فيه: "ينتظر اللبنانيون منذ قرابة ثلاث سنوات انطلاق مسار إصلاحي وعدوا به، لانتشال البلاد من أزماتها المتراكمة، وخلق مناخ جديد يعيد اليهم الثقة ببلدهم ويعطي الأمل بمستقبل زاهر لشباب لبنان وبناته.

لكن بدلا من ذلك، شهد لبنان وما زال مسارا انحداريا مولدا للأزمات، بات يستوجب من كل صاحب ضمير وطني حي وقفة جدية للتنبيه من تبعات هذا الواقع ومخاطره".

ورأى "أننا نعيش حالة من الفوضى السياسية المنظمة والمدروسة، التي ترمي إلى ضرب الإطار الذي أنهى الحرب الأهلية ووضع قواعد جديدة للحكم في لبنان، أي الدستور المنبثق من اتفاق الطائف.

تجاوز القواعد الدستورية

وتابع: "لقد تعرض الدستور وما زال، لسلسة من الاعتداءات بهدف فرض وقائع وأعراف جديدة واختراع مفاهيم تخل بجوهر النظام السياسي. بدأ ذلك في فترة تشكيل الحكومة التي طالت أشهرا عدة، وبقي مستمرا في شكل هرطقات وبدع جديدة تظهر في كل استحقاق".

الهدف الأول لهذه الاعتداءات كان صلاحيات رئيس مجلس الوزراء التي تجري مساع حثيثة لقضمها، ومحاولات لتكبيلها بممارسات من قبل قوى لا تفهم السياسة الا كيدا وغَلَبة، ولا ترى الوطن إلا بمنظار مصالحها الخاصة.

وقد وصل تجاوز القواعد الدستورية الى مجلس النواب، حيث جرت محاولة فاشلة لنسف موازنة الدولة التي أقرتها السلطة التشريعية، تلاها اجتهاد جديد حول ضرورة المناصفة في جميع الوظائف العامة باعتبار ان الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية التي تنص عليها المادة 95 من الدستور لم تشكل بعد، علما بأن الجهة المجتهدة اليوم هي من أشد المعارضين لإنشاء هذه الهيئة".

وأكد سلام أن "الدستور ليس لائحة نختار منها ما يرضينا، ونرفض ما لا يتلاءم مع مصالحنا. إنه نص سام ملزم للجميع، يرسم قواعد النظام السياسي للبلاد وصلاحيات المؤتمنين على مؤسسات الحكم والعلاقة بين هذه المؤسسات، وأي افتئات على هذه الصلاحيات يعرض التوازن الدقيق في لبنان للمخاطر. كما أن أي رغبة في تعديل الدستور لا تتم إلا وفق ما رسمه الدستور نفسه، ولا تجري بالتهريب او بقوة الأمر الواقع.

إن هذه الحالة من الفوضى الدستورية، تترافق مع خطاب شعبوي عالي النبرة تلجأ اليه جهة سياسية، لا تتورع عن استثارة الغرائز الطائفية من أجل تحقيق مكاسب حزبية صغيرة.

المساس بالتوازن الوطني

إن أصحاب هذا الخطاب العبثي الخطير، الذين يخترعون كل يوم مشكلة وطنية مجانية ويهددون بإشعال نار الفتنة في مناطق بالغة الحساسية، يجب أن يقلعوا عن هذه الخفة ويعرفوا أن المساس بالتوازن الوطني هو من الكبائر التي لا يرحم التاريخ مرتكبيها.

إننا، إزاء الازمة السياسية المتمادية التي أدخلت البلاد في حال من القلق والخوف وأدت الى تعطيل جلسات مجلس الوزراء، مع ما يعنيه ذلك من عرقلة لعمل اجهزة الدولة والإضرار بمصالح المواطنين، ما زلنا نعول على مرجعية فخامة رئيس الجمهورية، وعلى قدرته على الحفاظ على مسافة متساوية من الجميع ووقف هذا المسار الانحداري المضر للعهد وللبنان.

إننا نحيي دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والزعيم الوطني الكبير وليد جنبلاط، وندعوهم مع جميع الشرفاء الحريصين على هذا البلد ومستقبل أبنائه، إلى بذل كل جهد من أجل انتشال لبنان من حالة البؤس السياسي التي وصل اليها.

كما أدعو من خدرتهم شهوات السلطة إلى صحوة ضمير، وإلى الكف عن العبث ببلد جميل لا يريد أهله الانتحار".