فارس بن حزام&

داخل إدارة الرئيس ترامب تباين واضح تجاه القسوة على النظام الإيراني، فبعد التردد في توجيه ضربة عسكرية، اتضح خلاف صغير أمام معاقبة الوزير جواد ظريف.


قبل شهرين، وقعت عقوبات أميركية على المرشد علي خامنئي، وكان لزاماً أن تشمل وزير خارجيته ظريف، ونجح نظيره الوزير مايك بومبيو في تأجيلها، على رغم سعي مستشار الأمن القومي جون بولتون إلى إصدارها، وكان الحل الوسط بين الرأيين تقييد حركة الوزير الإيراني داخل نيويورك الشهر الماضي. من وجهة نظر بومبيو أن ظريف سيكون نظيره عند بلوغ لحظة المفاوضات المأمولة، وأن معاقبته ستذهب بمثل هذه الفرصة. لم يستمر الوقت طويلاً، لتصدر قبل أيام العقوبات على واجهة إيران السياسية، فلم يعد نقطة تفاوض تمثل طهران أمام واشنطن. ومن هذه ودلائل أخرى، يمكن أن نلمس رأي أطراف في الإدارة الأميركية أن الحل العسكري هو الأنسب لعلاج النظام الإيراني، وسعي أطراف أخرى إلى المفاوضات، ويبنون رأيهم على لحظة عقل تهب على المرشد فيذهب إليها، وفي الأخير يفعل الرئيس ما يريد.

أما الوزير ظريف، فدأب على استغلال زياراته نيويورك لتحقيق أهداف خارج أسوار مقر الأمم المتحدة، فهو يريد أن يخاطب الرأي العام الأميركي، ويضلله عما يجري في واقع بلاده، ويشكك في سلامة ونزاهة العقوبات المفروضة عليها.

في نيسان (أبريل) الماضي زار الوزير ظريف نيويورك. كانت مناسبة في الأمم المتحدة عن اليوم العالمي للديبلوماسية من أجل السلام، ولم تستغرق منه كثيراً، فخصص معظم الوقت لمواجهة قرارات الولايات المتحدة. وفي كل مرة يمنح تأشيرة إلى الولايات المتحدة، ومخصصة لزيارة مقر الأمم المتحدة، لكنه يتسلل خارج أسوارها، ويمارس نشاطاً سياسياً يخالف مبرر الزيارة؛ يذهب إلى الإعلاميين ويأتي بهم إلى مقر اقامته، ويرتب له أنصاره لقاءات عدة مع ممثلي مراكز الدراسات، وأعضاء في إدارة الرئيس السابق أوباما. إنه يبذل جهداً واسعاً بغية التأثير على مسار العقوبات الأميركية، ويدعمه في ذلك الحزب الديموقراطي لمواجهة الرئيس ترامب وإدارته، وإنقاذ "إرث أوباما" المتمثل بالاتفاق النووي المطمور. إنه مسار طويل يسعى لاختراق الرأي العام المعادي للرئيس ترامب داخل الولايات المتحدة، ليجبره على انتهاج سياسة مختلفة تجاه إيران.

نشاط الوزير المخالف لسبب الزيارة استفز الإدارة الأميركية، فكانت العقوبات الأخيرة، وخيراً فعلت واشنطن أن قطعت الطريق على مسرحياته، وألغت عروضه على أرضها، وعرقلت نتيجة يرجوها؛ أن بلاده متسامحة وتنشد الحوار، فيما تتجنى الولايات المتحدة عليها.

&

&