&عبدالعزيز التويجري&

ما يجري في اليمن شمالاً وجنوباً من صراعات حامية وحروب دامية أمرٌ محزنٌ ومؤلم، لما نتج وينتج عنها من قتلٍ وتدميرٍ وتأجيجٍ لنعراتٍ وعداواتٍ سيكون لها تأثير هدّام وطويل الأمد يهدد مستقبل هذا البلد العربي العريق ووحدته وأمنه واستقراره.


عرف اليمن عبر تاريخه القديم والحديث صراعات وحروباً وتدخلات أجنبية عانى تبعاتها كثيراً وأعاقت تنميته وأضعفت قدراته، لكنّه تجاوز ذلك بعد توحيد شطريه في الثاني والعشرين من تموز (يوليو) 1990 في دولة واحدة استمرت حتّى قيام المظاهرات الطلابية المطالبة بإسقاط نظام على عبدالله صالح في السابع والعشرين من شباط (فبراير) 2011، والتي انطلقت من "جامعة صنعاء" واشتد أوارها بعد انضمام قطاعات واسعة من الشعب اليمني إليها وانتهت بسقوط النظام، لكن ذلك لم يؤد إلى قيام حكم قوي يقود البلاد إلى بر الأمان، فتمرد الحوثيون بدعم إيراني على الحكومة الشرعية واحتلوا صنعاء وانضم إليهم الرئيس المخلوع (صالح) وحرسه الجمهوري، ثم بدأت "عاصفة الحزم" لتدارك الأمر ووقف التغلغل الإيراني المهدد لأمن المنطقة واستقرارها. ولم يدم التحالف بين الحوثيين وعلي عبدالله صالح طويلاً، إذ انتهى بانقضاض الحوثيين عليه وقتله بشكل بشع وإحكام السيطرة على شمال اليمن والزحف على جنوبه.

وعلى رغم الجهود الكبيرة والتضحيات الجسام للتحالف الداعم للشرعية، فإن تعقيدات الأوضاع في اليمن بشطريه، والمصالح المختلفة التي تتحكم في مكوناته السياسية والمذهبية، والتخاذل الدولي تجاه المتمردين الحوثيين، وتباين الرؤى هنا وهناك، كل ذلك أدى إلى اختلال الوضع في مقر الحكومة الشرعية في عدن، التي واجهت انقلاباً عليها من قبل المجلس الانتقالي الذي يهدف الى فصل الشطر الجنوبي والعودة إلى ماكان علبه الوضع قبل 1990.

اليوم، وفي ظل هذه التطورات الخطرة، يقف اليمن على حافة هاوية قد تنهي الدولة الواحدة وتؤسس لمرحلة جديدة من الاستقطابات والصراعات التي تطيل أمد معاناة الشعب اليمني واستمرار التهديدات لأمن المنطقة وسلامتها واستقرارها. ولذلك، فإن من الحكمة التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنها يمانية، تدارك الأمر وتعديل المسار قبل أن ينفرط العقد ويصعب الحل.

لقد وُصِف اليمن قديماً بأنًه سعيدٌ فهل أصبح اليوم شقياً؟

&