مازن السديري

سوف تنمو التجارة الإلكترونية في المملكة ولكن سيبقى وزنها محدوداً قياساً بالاقتصادات المتقدمة التي تجاوز وزن التجارة الإلكترونية فيها نسبة 10 % برغم تعمق الأجهزة الذكية والبيانات في المملكة بنسبة تصل إلى مستوى مماثل لتلك الدول، في المملكة تعمق الأجهزة الذكية 62 % والبيانات وصلت 73 % وهي نسب عالية فوق المتوسط العالمي، ومقاربة للولايات المتحدة حيث تبلغ 69 % للأجهزة، 85 % للبيانات (حسب بيانات البنك الدولي)، وفي بعض الأنشطة يكون وزن المملكة أعلى؛ فمثلاً توصيل الأطعمة في المملكة يبلغ 0.15 % من الناتج المحلي، بينما الولايات المتحدة 0.12 % (حسب بيانات ستاتيكا)، لكن الأمر لا ينطبق على التجارة الإلكترونية لأسباب أخرى.

التجارة الإلكترونية هي جزء من تجارة التجزئة وتكتسب التجارة الإلكترونية وزناً أكبر في سوق التجزئة بتوفر السلع وتنوعها وتنافسية أسعارها بما يتناسب مع جودتها حسب كل سوق حتى أن الأجيال الجديدة التي ولدت بعد الألفية الثانية (جيل GZ) وهو جيل لا يبالي إن كان للمنتجات علامة تجارية مقابل جودة وسعر متناسبين، هذا التغير في السلوك جعل المنصات الإلكترونية الكبرى تجنح لتمويل الكثير من المنتجين الصغار، فمثلاً (أمازون) تبلغ نسبة المنتجين المستقلين من مجموع ما تبيعه نسبة تفوق 50 % حسب بيانات الشركة وهذا غير موجود في المملكة.
حضور هؤلاء المنتجين المستقلين هو التحدي لنهضة ونمو التجارة الإلكترونية في المملكة بشكل صحي، والبيانات توضح أن حجم المنتجين المستقلين محدود في المملكة (حسب بيانات يورمونتر) فإن الحسابات الإلكترونية الصغيرة لا تشكل إلا 8 % والمنصات العالمية -بدون شريك محلي- 50 %، وهذا ما يفسر أن أكثر من 50 % من حجم التجارة الإلكترونية في المنطقة مستورد لغياب المنتجين المستقلين الذين يستطيعون تغذية المنصات المؤسساتية المحلية، بينما بريطانيا التي تسجل أعلى النسب للتجارة الإلكترونية في العالم (16 %)، تجد الحسابات الإلكترونية الصغيرة تبلغ 43 %، والمنصات المحلية المؤسساتية 56 %، أما المنصات العالمية فتكاد لا تذكر وحجم ما يستورد 13 % وهي نسبة طبيعية.

لذلك لا نستغرب عندما ترتفع التجارة الإلكترونية بنسبة 50 % في المملكة وتبقى نسبة العاطلين كما هي ولا تضيف لسوق العمل الكثير، لأن نموها يعتمد على المنصات الخارجية وغياب المنتجين المستقلين، بينما بريطانيا يتزامن نمو وزنها مع انخفاض نسبة العاطلين التي بلغت 3.7 % برغم أزمة Brexit. أغلب الاتهامات لضعف التجارة الإلكترونية بالمملكة يعود لمشكلات لوجستية أو عدم الدفع الإلكتروني (الدفع نقداً)، المملكة 50 % من شعبها دون عمر 30 ومثل غيره من جيل GZ، المشكلة ليست في التشريعات ولا في الطلب ولكن في قدرات العرض.