&داهم القحطاني&

&

القارئ الأميركي أو الإنكليزي لا يقدس الأشخاص؛ لهذا تجده يناقش كل فكرة ترد في مقالة إلى أن يقتنع بها أو لا يقتنع. غالبية القراء العرب لا يناقشون الفكرة ما دام أتى بها كاتبهم المفضل؛ فهو لديهم شخصية مقدسة ومثالية، ولا يمكن أن يتصوروا أنه قد يكون مخطئاً في طرحه، كما أنهم لا يقبلون مطلقا اتهامه بالكتابة وفق مصالحه الشخصية، فكل ما يقال عنه في ذلك، حسب ظنهم، مجرد اشاعات يرددها مغرضون. وهكذا حُكم على الشخصية العربية بأن تقدس الحاكم، ثم تعود لتقدس الكاتب لينتهي المشهد العام بغياب حس النقد الحقيقي والذي ساهم غيابه في الشرق في تقدم الغرب كثيراً في حضارته رغم ما فيها من تناقضات. هناك فرق كبير وشاسع بين الأسلوب والفكر، فمعظم القراء العرب يعشقون السبك ولا يهتمون بالحبك؛ فاسلوب الكاتب يسحرهم ويعميهم عن فكرته ولو كانت ضالة؛ لهذا نجد الرأي العام العربي،

غالباً، انفعاليا ومليئا بالحماسة والغضب والحدة. هذا الانفعال جعل الآخرين يتبعون نهج الاستدراج مع الرأي العام العربي فمتى ما أرادوا ترويج أمر سيئ، أو إخفاء فعل إيجابي يتم استدراج القراء العرب بعبارات حادة فتبدأ ردود الفعل العشوائية لتغيب نتيجة لذلك الفكرة الايجابية ويتم الترويج للفكرة السيئة. منذ البدء كانت الفكرة، وحان الوقت لكي يقوم الانسان العربي بهدم التماثيل التي طالما قدسها، فهؤلاء الكتاب فيهم الشخصية المبدعة المؤثرة، وفيهم الطبال الذي يعزف حسب الطلب، وفيهم الانتهازي الذي يريد توظيف قدراته من أجل جلب مزيد من المال لرصيده المصرفي، وهناك من هؤلاء الكتاب من يعشق القرب من السلطة بأي شكل، ويدمن الترويج لها وتبرير أخطائها فكل هذا لا يهم ما دام ذا حظوة لديها. الشخصية الشرقية تعشق شخصية البطل المُخلّص؛ لهذا نجد القارئ العربي غالباً ما يضع هالة من القداسة على بعض الكتاب ويرفض حتى مجرد انتقادهم، وحتى وإن اكتشف أنهم مزيفون نجده يبحث عن بطل مخلص جديد، فالمهم أن يكون هناك من يحمل الوزر الثقيل ويقدم تبريرات تريح العقل من مواصلة التفكير بعمق. الفكرة هي سيدة الموقف دائما،

ومهما روجت الفضائيات والصحف ومواقع شبكات التواصل الاجتماعي لكتاب بأعينهم، وحاولت أن تصورهم بالمظهر العبقري ستبقى الفكرة هي الأهم، وسيبقى الكاتب الأهم هو الذي يواجه الأزمات والمعضلات بفكره، ويقدم لها الحلول بأفكاره، ولا يقبل مطلقاً أن يكون مساعداً لشيطان يكمن في التفاصيل.
&