محمد خليفة

احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الأربعاء الماضي، بيوم المرأة الإماراتية، وأكدت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، في رسالة وجهتها إلى موظفات «أدنوك»: «ما أحوجنا، في هذا اليوم، إلى أن نجمع جهودنا ونسخّر إمكانياتنا من أجل وطننا الغالي الذي حباه الله بقيادة حكيمة لم تأل جهداً في تعزيز مكانة المرأة». وتعكس كلمة سموها المكانة التي بلغتها المرأة الإماراتية. فالمرأة نصف المجتمع؛ بل هي العنصر الأساسي فيه؛ لأنها هي التي تربي الأجيال، وتصنع الأبطال، ومن هنا فإن الاهتمام بها وتمكينها كي تنال حقوقها الكاملة جنباً إلى جنب مع الرجل، أمر ضروري لنهضة أي مجتمع، وقيام أية حضارة.
سعت دولة الإمارات منذ تأسيسها إلى الاهتمام بالمرأة الإماراتية، كاهتمامها بالرجل على حد سواء، فقد قال المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، «إن المرأة ليست فقط نصف المجتمع من الناحية العددية؛ بل هي كذلك من حيث مشاركتها في مسؤولية تهيئة الأجيال الصاعدة وتربيتها تربية سليمة متكاملة». وقال أيضاً: «أملي في اليوم الذي أرى فيه الطبيبة والمهندسة والدبلوماسية بين فتيات الإمارات، كما أنني أتطلع إلى اليوم الذي أرى فيه فتياتنا وهن يقمن بواجبهن، ويلعبن الدور الذي لعبته الفتيات العربيات في الدول الشقيقة».
ومن هذا المنطلق فقد تم تيسير سبل العلم أمام النشء الصاعد من الذكور والإناث على حد السواء، وتحققت أمنية المؤسس الراحل، حيث أصبح في الإمارات الكثير من الطبيبات والمهندسات والدبلوماسيات والوزيرات، وغير ذلك من التخصصات الأخرى، ودخلت الفتاة الإماراتية المتعلمة إلى سوق العمل والإنتاج، لتسهم في بناء وطنها برفقة الرجل.
وفي إطار الاهتمام المستمر بالنهوض بالمرأة، أطلقت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات بين أعوام 2015 و2021، والتي توفر إطاراً عاماً ومرجعاً إرشادياً لكل المؤسسات الحكومية (الاتحادية والمحلية والخاصة)، ومؤسسات المجتمع المدني في وضع خطط وبرامج عملها، من أجل توفير حياة كريمة للمرأة لجعلها متمكنة، ريادية، مبادرة، تشارك في كل مجالات العملية التنموية المستدامة، بما يحقق جودة الحياة لها.
وتسعى الاستراتيجية إلى تمكين وبناء قدرات المرأة الإماراتية وتذليل الصعوبات أمام مشاركتها في كل المجالات، لتكون عنصراً فاعلاً ورائداً من رواد التنمية المستدامة، ولتتبوأ المكانة اللائقة بها، وتكون نموذجاً مشرفاً لريادة المرأة في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وذلك من خلال تحقيق جملة من الأولويات.

أولاً: البناء على الإنجازات المتحققة للمرأة في دولة الإمارات، والحفاظ على استدامة تلك الإنجازات والمكاسب.
ثانياً: الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتماسكه من خلال تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة.
ثالثاً: توفير مقومات الحياة الكريمة والآمنة والرفاه الاجتماعي بأسس عالية الجودة للمرأة.
رابعاً: تنمية روح الريادة والمسؤولية وتعزيز مكانة المرأة الإماراتية في المحافل الإقليمية والدولية.
وقد استندت الاستراتيجية في وضع أهدافها، إلى جملة من مرتكزات أساسية، هي: دستور دولة الإمارات، ورؤية الحكومة الاتحادية 2021، واستراتيجيات الحكومات المحلية، ووثيقة قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي، وخطة التنمية لما بعد 2015، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقيات الدولية الأخرى ذات الصلة.
ومن أهم الأهداف التي تسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيقها: إيجاد إطار تشريعي ومؤسسي داعم للمرأة، يتماشى مع أفضل الممارسات في مجال تمكينها، ويتوافق مع التزامات الدولة بالمواثيق والمعاهدات الدولية، إضافة إلى رفع مستوى مشاركة المرأة في مختلف المجالات، ونسبة تمثيلها في مواقع السلطة وصنع القرار.

وتقرر أن يتم تنفيذ الأهداف الاستراتيجية على مرحلتين ؛ الأولى في الفترة 2016-2018، والثانية في الفترة 2019-2021. وقد تم مؤخراً إطلاق الدفعة الخامسة من المسرِّعات الحكومية المعنية بتمكين المرأة، وأكدت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أن المسرعات الحكومية التي تشارك فيها الوزارات والمؤسسات الاتحادية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، تعد خطوة إيجابية نحو استشراف مستقبل المرأة الإماراتية».
ولا شك في أن هذا القول يعبر عن الرؤية العميقة لسموها لتمكين المرأة، وضرورة مشاركة مختلف الجهات والقطاعات في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الذي يصب في المصلحة العليا للوطن. وبهذه المناسبة الغالية علينا جميعاً نستلهم القيم النبيلة التي أرساها المؤسس الكبير وعززها أبناؤه من بعده، وفي مقدمتها حب الوطن والعطاء والوفاء.
حفظ الله قيادتنا الرشيدة وأدام على بلاد الخير والعز والعطاء نعمة الأمن والأمان.

&