لعل من أكثر الوقائع المحزنة التي تصيب النفس، مواطن يشكو قلة حيلته في عدم إيجاد وظيفة يُعيل بها نفسه وأسرته، رغم شهادته الجامعية وإمكاناته الممتازة، ورغم التقديم لأكثر من جهة عمل وحضوره مقابلات التوظيف ومعارضه دون جدوى.

فدولة فتيّة ناجحة كدولتنا لا بد من أنها بحاجة إلى سواعد أبنائها لتضمن لإنجازاتها الاستدامة والاستقرار، لا سيما أن حكومتنا تنادي بأهمية التوطين وتدعو جميع القطاعات إلى المساهمة بتحمّل هذه المسؤولية الوطنية، لكن عدد الخرّيجين يتضخم عاماً بعد عام وصوت الشكوى يرتفع، ولا حلول لهذه المعضلة بعد.. فأين الخلل؟

من ضمن رسائل الموسم الجديد لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الاهتمام بالتوطين، ووعده بوقفة جادة في هذا الملف وقرارات جديدة بإذن الله.

كما بشّر صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة رعاه الله، أبناءه المواطنين بدعم سخي من الحكومة لدفعهم إلى الانخراط في القطاع الخاص بالإمارة، مع تحمّل الحكومة أعباء الفرق في الراتب ليتساوى مع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي المحلي، إضافة إلى ذلك، أنشأ صاحب السمو حاكم الشارقة رعاه الله دائرة التوطين، لتكون مسؤولة عن كل شؤون التوطين في القطاع الخاص بإمارة الشارقة.

هي بشائر تجعلنا في شوق وترقّب للإحصاءات المقبلة بتدني نسبة البطالة في صفوف المواطنين، لتتمكن هذه الفئة أخيراً من تأمين متطلبات حياتها الأساسية ثم الالتفات لما هو أكبر، حسب «هرم ماسلو» للاحتياجات الإنسانية.

ولكن ما هو أكبر لن يتحقق إلا بالتزام القطاعين (الحكومي والخاص) بدعم مواردهما البشرية المواطنة، وتحقيق سبل التطوير والاستقرار الوظيفي، بالإمكانات المتاحة، ومنح المواطن الأولوية في الوظيفة والتدريب والتطوير والترقيات، لأن الوطن يستحق أن نبنيه، ليس من باب الواجب وإرضاء الضمير فحسب، بل من باب الانتماء والحب، فمن لا يدعم الكفاءات الوطنية، كيف له أن يحب وطنه؟

إن بُعد النظر سمة يجب أن يتسم بها المسؤولون ليدركوا أنهم يساهمون برسم المشهد المستقبلي بشكل أو بآخر، وأن هذا المستقبل سيكون بين أيدي أبنائهم وأحفادهم.. فما هو شكل المستقبل الذي يريدونه لهم؟ ولماذا لا نجنبهم تفاقم مشكلات قد تتسبب في تشتيت الرؤى وغايات الوطن؟