& & شمسان بن عبد الله المناعي

&

أظهرت القيادة السعودية الحكمة والحنكة والدبلوماسية في التعامل مع الاعتداء الإيراني على حقلي نفط بقيق وخريص في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، صباح يوم السبت الرابع عشر من سبتمبر (أيلول) 2019م، بـ10 طائرات مسيّرة، عندما تمكنت قيادتها من ضبط النفس، واقتصرت على إصدار بيان استنكار، وشاركها في هذا الاستنكار معظم دول العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن، وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية، حيث ظهرت مكانة السعودية في العالم، وظهرت حقيقة النظام الإرهابي الإيراني بجلاء، رغم أنه لا أحد في العالم لديه أدنى شك في أن مصدر هذا الإرهاب هو راعية الإرهاب الأولى في العالم إيران، كما وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أحد تصريحاته.

في المقابل يبدو أن بروباغندا «السلام» التي يستخدمها النظام الإيراني والتي فحواها أنها دائماً «مع الحوار» وشعارها «السلام ومصلحة الشعوب» لا تزال تستخدمها، وهذا ظهر في تصريح الرئيس الإيراني روحاني بعد يومين من العدوان على السعودية في مؤتمر صحافي في أنقرة وإلى جانبه كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، عندما قال إن «اليمن مستهدف بعمليات يومية... والشعب اليمني مجبر على الرد. إنهم فقط يدافعون عن أنفسهم». وهذه سياسة دعائية قديمة وفاشلة هدفها تغييب الوعي السياسي للمتلقي، ولا تزال إيران تستخدمها، ليس مع دول العالم فقط، وإنما حتى مع شعبها، وهي ترتكز على الدعاية على الطريقة الغوبلزية التي استخدمت منذ أيام هتلر، وهي تقول: «اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس»، وهي التي مضى عليها الزمن وثبت فشلها، وهذا ما قاد الشعب الإيراني إلى التحرك بعد أن انفضح دور طهران الخارجي العدواني الذي هو على حساب رفاهية الشعب الإيراني ونموه.

إن بروباغندا «السلام» هذه هي أحد أهداف الحرب النفسية، وهي تستخدم في إقناع العدو بفشل جهوده وإثارة جماهيره ضد حكومتهم، وإغرائه بحديث السلم بهدف المحافظة على حياد البلدان المحايدة في البداية، خصوصاً إذا ما ترافقت مع المصالح الاقتصادية، كما استخدمتها عند انضمامها للاتفاق النووي مع دول في الاتحاد الأوروبي، وعندما انسحبت أميركا من هذا الاتفاق استخدمتها إيران للتأثير على شعبها في إيجاد عداء لديه نحو الولايات المتحدة بعد انسحابها من الاتفاق النووي، وكذلك مع الدول العربية فيما يتعلق بالباليستي والاحتلالات... وهكذا بقية قضاياها.
لذلك لن يكون العمل الإرهابي الإيراني ضد السعودية أو دول المنطقة هو الأخير، حيث ستستمر ما دام الدور الذي تلعبه السعودية دور محوري في تعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وخاصة دورها في اليمن الذي أوقف مشروع إيران التوسعي في المنطقة.
كذلك ما يغيظ إيران هو تمكن السياسة الخارجية السعودية من إيجاد شبكة علاقات شاملة مع الدول في كل أنحاء العالم، ومساندتها للدول التي لا تدور في المحور الإيراني مثل مصر وسوريا الشعب وليبيا والهند وغيرها، وهذا دور يجعل المشروع الإيراني التوسعي في خطر، وبهذه السياسة سوف تخسر حتى الدول الأوروبية القريبة منها مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وأصبح الاتفاق النووي مع أوروبا مهدداً بالفشل بسبب التصعيد الإيراني غير المسبوق في نوعيته، وإذا أثبتت التحقيقات مسؤولية إيران، فسيفتح الباب واسعاً على جملة تطورات، أولها أن الرد السعودي لن يكون مباشراً، فالقيادة السعودية التي راهنت في السنوات السابقة على إدارة واشنطن لملف المواجهة مع إيران، باتت أمام استحقاق التصعيد الإيراني، أمام خيار الرد الذي لا مفر منه، علماً بأن دائرة الخيارات واسعة أمام المملكة، فيما لو قررت ذلك.