&بول شاؤول


بعد الاعتداء الإرهابي الإيراني على منشأتي أرامكو، يتعامل العالم الغربي مع المسألة كما تعامل مع استهداف المدنيين بقصف كيمياوي في سوريا. الولايات المتحدة غير مستقرة على رأي، ولا على طبيعة الرد. بومبيو يؤكد أن بصمات الملالي دامغة لا لبس فيها. وترامب بتبنيه موقف وزير خارجيته كأنما يطلب التأكد أكثر بالملموس عبر التحقيقات عن مسؤولية الإيرانيين من دون أن يحدد بشكل نهائي حجم الرد الموازي لهول الاعتداء. من أوروبا موقف الرئيس ماكرون مترجرج، فهو يسعى جاهداً إلى منع اندلاع حرب في المنطقة بين السعوديين والأميركيين وإيران، موقف قد يصب في النهاية عند خطط الملالي، خصوصاً وأنه يقترح مكافأة هذا النظام بمساعدات مالية تعويضاً عن العقوبات الأميركية. مجلس الأمن يضع المسألة على طاولة البحث وكذلك الأمم المتحدة، وأياً تكن النتيجة، فهي تبقى غير كافية، لأننا نعرف مصير المقررات في هذا المجتمع الدولي. أما روسيا، فتطالب بعدم التسرع في الاتهام، وهذا ما فعلته مع قضية الكيماوي في سوريا. بل أكثر: يحكى عن حلٍ سلمي دبلوماسي مع إيران، وسط هذه الاعتداءات الوحشية التي تهدد الاقتصاد برمته.

لكن ماذا عن السعودية، الطرف المعني الأساسي، الذي يُعتدى عليه بدرونات «الحوثيين» (أي إيران). وكان آخر عدوان لا سابق له بعشرين دروناً صاروخياً، جاء هذه المرة من الشمال أدى إلى خسائر في محطات أرامكو. المسألة في رأينا لا تخص السعودية وحدها. وقد سبقت أن وجهت إيران عدوانها إلى سفن النقل النفطية في هرمز منها يابانية ونرويجية إلى خطف سفن، وإلى إسقاط «درون» أميركية إلى التهديد بحرب شاملة من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر والى المحيط الهندي، إذا تعرضت لهجوم من الولايات المتحدة أو سواها. وقد وقّتت كل هذه الاعتداءات السافرة في الوقت الذي يخوض فيها ترامب حملاته الانتخابية، بمعنى آخر أنه لا يمكن أن يشارك في حرب قد تؤثر على ترشحه. أوروبا ما عدا بريطانيا تهادن إيران بل تنحاز إليها أحياناً. العالم العربي غارق في الأزمات، بعضه بات خاضعاً للتدخلات الإيرانية كسوريا واليمن والعراق ولبنان، وبعضه الآخر في ثوراتٍ شعبية. وسط هذه المناخات تجد إيران نفسها مطلقة الأيدي والأذرع في اختيار الأهداف التي تريدها.
يترقب العالم ما سيكون الرد على الاعتداء الإيراني الأخير. وهنا يترقب ماذا سيكون رد السعودية، التي من حقها الدفاع عن نفسها في مواجهة الملالي، فالسعودية لديها قدرات عسكرية حديثة غير موجودة لدى إيران من طائرات حربية وصواريخ وتكنولوجيا، وقد اكتسبت تجارب مهمة عبر قيادتها للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ضد «الحوثيين». ومن المهم كذلك وجود تضامن دولي لضمان استقرار تدفق الطاقة.. فالمسألة في صميمها دولية، وتخص كل المتضررين في العالم من أزمة النفط وتداعياتها على الاقتصاد العالمي. على هذا الأساس انضمت إلى التحالف الدولي لحماية الأمن البحري، بقيادة الولايات المتحدة، والإمارات، والكويت، والبحرين.

ولكن ماذا عن أوروبا ودول أخرى؟ وهل ستدفن رأسها في الرمل، وتحاضر بضرورة تفادي الحرب والمواجهة؟ فهم يتكلمون عن الحرب كاحتمال يجب تجنبه، لكن إيران أعلنت الحرب على العرب، ومعظم العالم العربي منذ ثلاثة أو أربعة عقود من خلال ضرب شرعياته، وهي تعتدي منذ عدّة سنوات بأذرعها على الأراضي السعودية، وتثير التوتر في الخليج العربي بانتظام، وها هي اليوم تلعب دور الضحية التي تدافع عن نفسها، وتصعد خطابها الإعلامي على جيرانها وعلى العالم.
السعودية قادرة على الدفاع عن نفسها. نعم ونصدق أنها لا تريد الحرب، وقد تقاربت من إيران في عدة مناسبات، وخصوصاً في عهد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، لكنها باتت اليوم مستعدة بكل قوتها وإيمانها بنفسها وعروبتها لوضع حد لهذا الوحش النازي الفاشي المتعطش للدماء والخراب.
&

&