&عمر عليمات&&&&

لا يمكن وصف نتائج انتخابات تونس إلا بالزلزال السياسي، فما أفرزته لم يكن ليتوقعه أحد، وجاء مناقضاً لجميع استطلاعات الرأي التي تم تنفيذها في الفترة السابقة للانتخابات، وكأن التونسيين انقلبوا على المنظومة الحزبية التي لم تخرج من إطار التنظير البرامجي، ولم تحقق شيئاً يلمس منه المواطن العادي أي تحسّن في مستوى معيشته اليومي.

يختصر انتصار المستقلين في انتخابات تونس الموضوع، فكلا المرشحين اللذين انتقلا إلى الدور الثاني استند إلى واقع شعبي رافض لما وصلت إليه الأحزاب والشخصيات السياسية التي تمثّلها، لذا كانت النتائج تعبيراً شعبياً واقعياً عن حال المزاج العام الذي وصلت إليه البلاد، فبرغم أن المرشحين ينتميان إلى مرجعيتين مختلفتين، لكون نبيل القروي يعتبر تقدمياً ليبرالياً، فيما يعتبر قيس سعد ثورياً محافظاً، إلا أن هاتين المرجعيتين لم تكونا السبب الرئيس لاختيارهما، بل إنه رد فعل على التيارات والأحزاب التي لم تقدم منذ عام 2011 ما يشفع لها أمام ناخبيها.

تونس اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة سيكون لها تأثير مباشر في واقع الحياة السياسية، إذ إنه من الطبيعي أن تنعكس هذه النتائج على الانتخابات التشريعية المقررة قبل الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، لذا فمن المتوقع أن تقيم بعض التيارات تفاهمات وتحالفات تعيدها إلى السلطة من باب البرلمان، نظراً لكون الكتلة الأكثر عدداً هي التي ستختار رئيس الوزراء المقبل، وخسارة الأحزاب الرئيسة لمنصب رئيس الوزراء تعني نهايتها سياسياً.

الانتخابات التشريعية ستكون معركة مصير بالنسبة للعديد من الأحزاب، خاصة تيار الإخوان المسلمين وتيار يوسف الشاهد، فالإخوان يعتبرون خروجهم من البرلمان نهايتهم في الحياة السياسية التونسية، فيما تعني خسارة تيار الشاهد تركه وحيداً بلا ظهير أمام نبيل القروي، الذي إن جاء رئيساً، فلن يغفر لمن أدخله السجن في خضم المعركة الانتخابية.

انتخابات تونس التشريعية معركة تكسير عظام بكل ما تعني الكلمة، فإما أن يواصل المستقلون تقدمهم ليعيدوا رسم الخريطة السياسية كاملة، وإما أن تلتقط الأحزاب الفرصة وتعيد ترتيب صفوفها لتبقى حجر عثرة أمام الرئيس المقبل.

بالمحصلة، فإن الانتخابات التشريعية لن تكون فقط من أجل الفوز بعدد من المقاعد، لأنها أصبحت تمثّل «قُبلة الحياة» لأحزاب وتيارات كفر بها المواطن التونسي، فهل تسقط جميع أحجار الدومينو الحزبية، في ظل جنون السياسة التونسية؟